فهرس الكتاب
الصفحة 417 من 683

أولاً: محبته سبحانه والتعلق به وحده الذي بيده مقاليد كل شيء وهو الذي بيده مفاتيح العلم والهدى والخير والرحمة والرزق، ومفاتيح ما انغلق من الأمور، فحري بمن يملك هذه المفاتيح ولا يملكها أحد سواه أو أن يُتعلق به ويُتوكل عليه فلا يرجى إلا هو، ولا يدعى إلا هو، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، قال سبحانه: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2] .

وعند قوله تعالى:" {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} .. الآية"، يقول سيد قطب رحمه الله تعالى:"وما من نعمة - يمسك الله معها رحمته - حتى تنقلب هي بذاتها نقمة، وما من محنة - تحفها رحمة الله - حتى تكون هي بذاتها نعمة ... ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله - فإذا هو مهاد، وينام على حرير - وقد أمسكت عنه - فإذا هو شوك القتاد، ويعالج أعسر الأمور - برحمة الله - فإذا هي هوادة ويسر، ويعالج أيسر الأمور - وقد تخلت رحمة الله - فإذا هي مشقة وعسر."

ويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام، ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار ولا ضيق مع رحمة الله، إنما الضيق في إمساكه دون سواه، لا ضيق ولو كان صاحبها في غياهب السجن، أو في شعاب الهلاك، ولا وسعة مع إمساكها ولو تقلب الإنسان في أعطاف النعيم، وفي مراتع الرخاء، فمن داخل النفس برحمة الله تتفجَّر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة، ومن داخل النفس مع إمساكها تدب عقارب القلب والتعب والنصب والكدر والمعاناة ..." (1) ."

(1) في ظلال القرآن 5/ 2922.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام