ولذا فينبغي التضرع دائمًا لله تعالى الذي بيده مفاتيح كل شيء والتوسل باسمه (الفتاح) في فتح القلوب لهدايته ومعرفة الحق والانقياد له وعلى الفتح منه لأبواب الرحمة والرزق والخير، وعلى الفتح على الأعداء، فإنه سبحانه المالك لذلك كله وحده لا شريك له، وكلما كان العبد تقيًا مخلصًا صادقًا كانت الفتوحات الربانية تترا إليها؛ ولذا نجد فهم السلف الصالح وعلمهم أوسع وأصوب ممن جاء بعدهم، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] .
ثانيًا: الخوف منه سبحانه ومن الوقوف بين يديه - عز وجل - يوم القيامة للفصل والحساب، حيث يفتح بين عباده ويحكم بينهم بالحق والعدل. وهذا الخوف يثمر الحذر من الظلم بأنواعه وبخاصة ظلم العباد والتعدي على حقوقهم؛ لأن الله الحكم العدل الفتاح العليم لا يظلم عنده أحد وسيقتص للمظلوم من ظالمه في يوم الفصل والحساب وقد سمى الله - عز وجل - يوم القيامة بيوم الفتح، وذلك في قوله سبحانه: {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) }
[السجدة: 29] .
ثالثًا: الثقة في نصر الله تعالى وفتحه لعباده المؤمنين فهو سبحانه الذي يأتي بالفتح بين عباده المؤمنين وأعدائه الكافرين ومنه النصر والتمكين، فلا يجوز بحال أن يتطرق إلى نفس المؤمن اليأس من فتحه سبحانه ونصره إذا أبطأ فله سبحانه الحكمة من تأخير الفتح والنصر. وإذا انعقدت أسباب النصر وانتفت موانعه جاء نصر الله وفتحه، وحينئذ: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) } [الروم: 4 - 5] .
وقد توجه الرسل - عليهم الصلاة والسلام - إلى ربهم الفتاح سبحانه أن يفتح بينهم وبين أقوامهم المعاندين فيما حصل بينهم من الخصومة والجدال.