أولاً: إن اسمه سبحانه (العزيز) يستلزم توحيده وعبادته وحده لا شريك له إذ الشركة تنافي كمال العزة، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"وهذه العِزَّة مستلزمةٌ للوحدانية؛ إذ الشركة تُنقص العِزَّة، ومستلزمةٌ لصفات الكمال؛ لأن الشركة تُنافي كمال العِزَّة، ومستلزمةٌ لنفي أضدادها، ومستلزمةٌ لنفي مماثلة غيره له في شيءٍ منها، فالروح تُعاين بقوة معرفتها وإيمانها: بهاء العِزَّة وجلالها وعظمتها، وهذه المعاينة هي نتيجة العقيدة الصحيحة المطابقة للحقِّ في نفس الأمر؛ المتلقاة من مشكاة الوحي، فلا يطمع فيها واقف مع أقيسة المتفلسفين؛ وجدل المتكلمين؛ وخيالات المتصوفين" (1) .
ثانيًا: ومن كمال العزة تبرئته سبحانه من كل سوء وتنزيهه من كل شر ونقص، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"اسمه (العزيز) الذي له العزة التامة. ومن تمام عزته: براءته عن كل سوء وشر وعيب، فإن ذلك ينافي العزة التامة" (2) .
ثالثًا: من كمال عزته سبحانه نفاذ حكمه وأمره في عباده وتصريف قلوبهم على ما يشاء وهذا ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه، وهذا يجعل العبد خائفًا من ربه سبحانه لائذًا بجنابه معتصمًا به متبرئًا من الحول والقوة ذليلاً حقيرًا بين يدي ربه سبحانه يسأل ربه حفظ قلبه وصلاح دينه ودنياه، وفي هذا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"... وأنه لكمال عزته حكم على العبد، وقضى عليه بأن قلب قلبه وصرف إرادته على ما يشاء وحال بين العبد وقلبه؛ وجعله مريدًا شائيًا لما شاء منه العزيز الحكيم، وهذا من كمال العزة، إذ لا يقدر على ذلك إلا الله، وغاية المخلوق أن يتصرف في بدنك وظاهرك. وأما جعلك مريدًا شائيًا لما يشاؤه منك ويريده: فلا يقدر عليه إلا ذو العزة الباهرة."
(1) مدارج السالكين 3/ 257.
(2) شفاء العليل 2/ 511.