3 -إن حكمه سبحانه بإهلاك المجرمين والعصاة مبني على خبرته بهم، وبما ارتكبوه من الذنوب والآثام والمعاصي: {وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} , وهذا جار في كل أحكامه وأقضيته وهذا يثمر في القلب الاطمئنان لأحكامه سبحانه الكونية وأنها كلها ناشئة عن حكمة بالغة وخبرة تامة، وعلم شامل بحقائق الأمور ولو غاب ذلك عن العقول.
4 -ولأنه سبحانه يستوي عنده إسرارنا القول أو جهرنا به، فهو عليم بذات الصدور، لأنه الخالق، والخالق لا يجهل خلقه، كما هو بهم لطيف خبير: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) } [الملك: 13 - 14] .
وقد أمرنا بالعدل، معللاً أن العدل أقرب للتقوى، ثم أمر باتقائه معقبًا على ذلك بأنه خبير بأعمالنا: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) } [المائدة: 8] ، فإن العالم بأن الله خبير بعمله يدفعه علمه إلى تحقيق العدل، ومراقبة الله - عز وجل - في سره، فلا ينطوي إلا على ما يرضي الله - عز وجل - وهذا الشعور يدفع المؤمن إلى التخلص من الآفات الباطنة التي لا يعلمها إلا الله - عز وجل - الخبير ببواطن القلوب وخفايا النفوس، مثل: آفات الرياء والكبر والحسد وغيرها.
5 -الإذعان والاستسلام لأحكام الله - عز وجل - الشرعية الدينية فيما أوجبه وحرمه، وفيما رغب فيه ونهى عنه؛ لأنه تشريع كامل شامل كله خير ومصلحة للعباد لكونه من لدن عليم خبير حكيم، رحيم لطيف، وأثر اسمه سبحانه (الخبير) جلي فيما شرعه وحكم به، ذلك أن من معاني الخبير التي مرت بنا العالم بخفايا الأمور وعواقبها وأسرارها، العارف بما يصلح لعباده من الشرائع التي تتضمن ما ينفعهم ويصلح شؤونهم.