فهرس الكتاب
الصفحة 258 من 683

يقول الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - عند هذه الآية:"والحكمة هي: العلوم النافعة، والمعارف الصائبة، والعقول المسددة، والألباب الرزينة، وإصابة الصواب في الأقوال والأفعال، وهذا أفضل العطايا، وأجل الهبات، ولهذا قال: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} لأنه خرج من ظلمة الجهالات إلى نور الهدى، ومن حمق الانحراف في الأقوال والأفعال، إلى إصابة الصواب فيها، وحصول السداد، ولأنه كمل نفسه بهذا الخير العظيم، واستعد لنفع الخلق أعظم نفع، في دينهم ودنياهم. وجميع الأمور لا تصلح إلا بالحكمة، التي هي: وضع الأشياء في مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها، والإقدام في محل الإقدام، والإحجام في موضع الإحجام، ولكن ما يتذكر هذا الأمر العظيم، وما يعرف قدر هذا العطاء الجسيم إلا {أُولُو الْأَلْبَابِ} وهم: أهل العقول الوافية، والأحلام الكاملة، فهم الذين يعرفون النافع فيعملونه، والضار فيتركونه، وهذان الأمران، وهما: بذل النفقات المالية، وبذل الحكمة العلمية، أفضل ما تقرب به المتقربون إلى الله، وأعلى ما وصلوا به إلى أجل الكرامات، وهما اللذان ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يعلمها الناس) " (1) (2) .

(1) البخاري (73) ، مسلم (816) .

(2) تفسير السعدي 1/ 214.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام