واختيار هذين الاسمين الجليلين في هذا المقام له دلالته ومغزاه؛ فأعرف الناس بالله - عز وجل - هم أنبياؤه ورسله، ولقد ختما تضرعهما إلى الله - عز وجل - باسم (العليم الحكيم) ، وذلك - والله أعلم - لما يبثه هذان الاسمان الكريمان في قلب المسلم من الرضا والطمأنينة والتسليم لقدر الله - عز وجل -، وأن شيئًا في هذا الكون لا يحدث إلا بعلم الله - عز وجل - وحكمته البالغة.
والمقصود أن ظهور آثار حكمته سبحانه في قضائه وقدره، والإيمان الجازم بأن له سبحانه الحكمة البالغة بما ظهر أو لم يظهر لنا من الحكمة كل ذلك يثمر الطمأنينة، والسعادة، والرَّوح فيما يصيب المسلم من مصائب ومكروهات، كما يثمر راحة القلب من الهموم والحسد، والحقد التي هي في حقيقتها معارضة لأحكام الله القدرية، وارتياب في حكمة الله تعالى البالغة.
رابعًا: سؤال الله - عز وجل - الحكمة لأنه سبحانه هو مالكها ومسديها مع بذل الأسباب في تحصيلها بالعلم النافع، والعمل الصالح، قال الله سبحانه: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) } [البقرة: 269] .