9 -الإيمان باسمه سبحانه (الحق) وما يستلزم ذلك من كون وعده الحق، ولقاؤه الحق، والجنة حق، والنار حق؛ فكل ذلك يثمر في القلب الاستعداد للقاء الله - عز وجل - والخوف من المقام بين يديه سبحانه والشوق إلى جنته، والخوف من عذابه؛ لأن كل ذلك حق وصدق وآت لا محالة، وهذا الخوف يثمر التقوى في القلب، والتي علامتها امتثال أوامر الله - عز وجل - وترك مناهيه بإخلاص ومتابعة، والاستقامة على ذلك.
اقتران اسمه سبحانه (الحق) باسمه - عز وجل - (الملك) :
ورد اقتران هذين الاسمين الجليلين في كتاب الله - عز وجل - في موضعين هما:
"في قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) } [المؤمنون: 116] ."
"وفي قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) } [طه: 114] ."
أما الآية الأولى: فواضح فيها سبب الاقتران؛ لأنه سبق هذه الآية قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] والمعنى: أن الملك الحق منزه عن أن يخلق خلقه عبثًا أو أن يتركهم سدى، وفيه إشارة إلى أن تصرفاته - سبحانه وتعالى - واضحة الدلالة على أن ملكه حق لا يتصرف فيه إلا بما هو مقتضى الحكمة ... ومفهوم الصفة أن ملك غيره سبحانه باطل أي: فيه شائبة الباطل؛ لا من جهة الجور والظلم؛ لأنه قد يوجد ملك لا جور فيه ولا ظلم كملك الأنبياء، والخلفاء الراشدين، بل من جهة أنه ملك غير مستكمل حقيقة المالكية فإن كل من ينسب إليه الملك، عدا الله تعالى هو مالك من جهة ومملوك من جهة لما فيه من نقص واحتياج (1) 1).
(1) التحرير والتنوير 16/ 416، 18/ 135.