ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"إن خلقه الإنسان في هذه الأطوار؛ وتنقُّله فيها طورًا بعد طورٍ حتى بلغ نهايته: يأبى أن يتركه سُدى، فإنه يُنزَّه عن ذلك؛ كما يُنزَّه عن العبث والعيب والنقص، وهذه طريقة القرآن في غير موضع، كما قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) } [المؤمنون: 115، 116] ."
فجعل كمال ملكه؛ وكونه سبحانه (الحقَّ) وكونه (لا إله إلا هو) ؛ وكونه (ربَّ العرش) المستلزم لربوبيته لكلِّ ما دونه: مُبطلاً لذلك الظنِّ الباطل والحكم الكاذب، وإنكار هذا الحسبان عليهم مثل إنكاره عليهم حسبانهم أنه لا يسمع سِرَّهم ونجواهم، وحسبان أنه لا يراهم ولا يقدر عليهم، وحسبان أنه يُسوِّي بين أوليائه وبين أعدائه في محياهم ومماتهم، وغير ذلك مما هو مُنزَّهٌ عنه تنزيهه عن سائر العيوب والنقائص، وأن نسبة ذلك كنسبة ما يتعالى عنه مما لا يليق من اتخاذ الولد والشريك؛ ونحو ذلك مما ينكره - سبحانه - على من حَسَبه أشد الإنكار.