وقال الزجاج:" (الآخر) هو المتأخر عن الأشياء كلها ويبقى بعدها" (1) 3).
المعنى في حق الله تعالى:
قال الخطابي:" (الآخر) هو الباقي بعد فناء الخلق. وليس معنى (الآخر) ما له انتهاء، كما ليس معنى (الأول) ما له ابتداء" (2) 4).
وقال البيهقي:" (الآخر) هو الذي لا انتهاء لوجوده" (3) 5).
وقال الطبري:" (الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية" (4) 1).
وأحسن التعريفات وأكملها ما فسره أعرف البشر بالله - عز وجل - وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (وأنت الآخر فليس بعدك شيء) (5) 2).
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"سبق كل شيء بأوليته، وبقي بعد كل شيء بآخريته" (6) 3).
ودليل هذا الاسم الكريم من الكتاب والسنة قد سبق ذكره في الحديث عن اسمه سبحانه (الأول) فليرجع إليه. ولم يرد اسم (الآخر) إلا مرة واحدة في القرآن، ومرة واحدة في السنة وهما في الدليلين المذكورين سابقًا. والله أعلم.
من آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين:
يذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - هذه الآثار فيقول:"فعبوديتة باسمه (الأول) تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب، والوقوف أو الالتفات إليها، وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته، وأنه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد، إذ لا وسيلة له في العدم قبل وجوده، وأي وسيلة كانت هناك، وإنما هو عدم محض، وقد أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا، فمنه سبحانه الإعداد، ومنه الإمداد وفضله سابق على الوسائل. والوسائل من مجرد فضله وجوده؛ لم تكن بوسائل أخرى. فمن نزل اسمه (الأول) على هذا المعنى أوجب له فقرًا خاصًا وعبودية خاصة."
(1) تفسير الأسماء ص 60.
(2) شأن الدعاء ص 87.
(3) الاعتقاد ص 63.
(4) تفسير الطبري 27/ 215.
(5) سبق تخريجه ص 166.
(6) مدارج السالكين 3/ 113.