فهرس الكتاب
الصفحة 54 من 358

(وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله) [1]

(1) فإنهم كانوا يقولونها مع ما كانوا يفعلونه من الشرك بعبادة الأموات والغائبين والطواغيت والمشاهد، فيثبتون ما نفته من الشرك باعتقادهم وقولهم وفعلهم، وينفون ما أثبته من الإخلاص كذلك، وظنوا أن معناها القدرة على الاختراع تقليداً للمتكلمين من الأشاعرة وغيرهم، وأما قول المتكلمين إن أول واجب معرفة الله بالنظر والاستدلال، فذلك أمرٌ فطري فطر الله عليه عباده ولهذا كان مفتتح دعوة الرسل أممهم إلى إفراد الله تعالى بالعبادة. ولما قالوا: {إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [إبراهيم: 9] قالت الرسل: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} [إبراهيم:10] قال ابن كثير: «وهو يحتمل وجهين:

أحدهما: أفي وجوده شك؟ فإن الفطر شاهدة بوجوده ومجبولة على الإقرار به.

والثاني: أفي إلاهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك؟ وهو الخالق لجميع الموجودات فلا يستحق العبادة إلا هو وحده لا شريك له». انتهى ملخصاً.

وهذا الاحتمال الثاني يتضمن الأول. قاله في «قرة العيون» *.

قوله: «وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله» ذكر هذه الرواية البخاري في التوحيد فأوردها المصنف ليبيّن أن معنى شهادة أن لا إله إلا الله أن يوحدوا الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه. وفي رواية: «فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله» وذلك هو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله. وفي رواية للبخاري فقال: «ادعهم على شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله» **.

قال في «فتح المجيد» ***: «لابد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط، لا تنفع قائلها إلاّ باجتماعها:

أحدها: العلم، المنافي للجهل. ... الثاني: اليقين، المنافي للشك.

الثالث: القبول، المنافي للردّ. ... الرابع: الانقياد، المنافي للترك.

* (ص/49) .

** أخرجه البخاري (496) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام