فهرس الكتاب
الصفحة 220 من 358

33 -باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [1]

(1) قوله: «باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أراد المصنف رحمه الله بالترجمة بهذه الآية بيان أن التوكل فريضة يجب إخلاصها لله تعالى، فإن تقديم المعلول يفيد الحصر، أي: وعلى الله فتوكلوا لا على غيره، فهو من أجمع أنواع العبادة وأعظمها. قال الإمام أحمد: «التوكل عمل القلب» . وقال ابن القيم في الآية المترجم بها [طريق الهجرتين (327 - 330) : «جعل التوكل على الله شرطاً في الإيمان، فدل على انتفاء الإيمان عند انتفائه. وفي الآية الأخرى {قَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس:84] فجعل دليل صحة الإسلام التوكل، وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفاً كان دليلاً على ضعف الإيمان ولابد، والله تعالى يجمع بين التوكل والعبادة، وبين التوكل والإيمان، وبين التوكل والتقوى، وبين التوكل والإسلام، وبين التوكل والهداية، فظهر أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان ولجميع أعمال الإسلام، وأن منزلته منها كمنزلة الجسد من الرأس. فكما لا يقوم الرأس إلا على البدن، فكذلك لا يقوم الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل» . قال شيخ الإسلام رحمه الله: «وما رجا أحدٌ مخلوقاً ولا توكل عليه إلا خاب ظنه، فإنه مشرك {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:31] . انتهى.

والتوكل على غير الله قسمان: أحدهما: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى: كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت في رجاء مطالبهم من نصر أو حفظ أو رزق أو شفاعة، فهذا شرك أكبر. الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة: كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما أقدره الله عليه من رزق أو دفع أذى ونحو ذلك، فهو نوع شرك أصغر. والوكالة الجائزة هي: توكيل الإنسان في

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام