فإن الله لا
مُكْرِهَ له» [1] .
ولمسلم: «وليعظم الرغبة [2] ، فإن الله لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه» .
54 -باب لا يقول عبدي وأَمَتي [3]
(1) بالإجابة بقوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:62] .
قوله: «فإن الله لا مُكره له» هذا لفظ البخاري في الدعوات، ولفظ مسلم
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يقولنّ أحدُكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم على المسألة في الدعاء، فإن الله صانع ما شاء، لا مُكرِه له» . قال القرطبي: هذا إظهار لعدم فائدة تقييد الاستغفار والرحمة بالمشيئة، فإن الله تعالى لا يضطره إلى فعل شيء دعاء ولا غير بل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولذلك قيّد تعالى الإجابة بالمشيئة في قوله: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام:41] ، فلا معنى لاشتراط المشيئة بقِيلِه.
وقوله: «فإن الله لا مكره له» بخلاف العبد، فإنه قد يعطي السائل مسألته وهو كاره لحاجته إليه أو لخوفه أو لرجائه. فالأدب مع الله أن لا يعلِّق مسألته لربه بشيء لسعة فضله وإحسانه وجوده وكرمه. وفيه: النهي عن الاستثناء في الدعاء وبيان العلة في ذلك، وقوله: «ليعزم المسألة» . قاله المصنف.
(2) قوله: «ولمسلم: «وليُعظِّم الرغبة» هو بالتشديد «فإن الله لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه» * يُقال: تعَاظم زيدٌ هذا الأمر، أي: كبر عليه وعسر، والرغبة يعني: الطُّلبة والحاجة التي يريد، وقيل: السؤال والطلب والتعظيم على هذا بالإلحاح، والأول أظهر. قاله في «الشرح» **.
وفيه: إعظام الرغبة والتعليل لهذا الأمر. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
* عند مسلم برقم (2679) .
** (ص/566) .
(3) قوله: «باب لا يقول عبدي وأمتي» أي: لما في ذلك من إيهام المشاركة في الربوبية فنُهي عن ذلك أدباً، وحماية لجناب التوحيد. قاله في «الشرح» *.