فهرس الكتاب
الصفحة 169 من 358

24 -باب ما جاء في السحر [1]

(1) قوله: «باب ما جاء في السحر» أي من الوعيد الشديد وأنه كفر.

السحر لغة: عبارة عما خفي ولطف سببه؛ ولهذا جاء في الحديث «إن من البيان لسحراً» * وسُمي السَّحرُ سَحراً لأنه يقع خفياً آخر الليل. وقال أبومحمد المقدسي في «الكافي» : «السحر عزائم ورُقى وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه» . قال ابن العربي: «منه ما يفرق بين المرء وزوجه، ومنه ما يجمع بين المرء وزوجه، ويسمى التولة وكلاهما كفر، وحقيقته - يعني السحر - أنه كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى وتنسب إليه فيه المقادير والكائنات» . انتهى. ولذا جاء في الحديث «ومن سحر فقد أشرك» **، ولما كان السحر لا يتأتّى بدون الشرك سواء كان الشرك أكبر أو أصغر فالأكبر ينافي التوحيد والأصغر ينافي كماله. ذكره المصنف رحمه الله تعالى تحذيراً منه.

وقد زعم قومٌ من المعتزلة وغيرهم أن السحر تخييل لا حقيقة له، وهذا ليس بصحيح؛ فإن التخييل إنما هو في نظر المسحور، فهو ناشئ عن السحر لا نفس السحر، ولولا أن للسحر حقيقة لم يأمر الله بالاستعاذة منه في قوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق:4] ، يعني السواحر اللاتي يعقدن السحر وينفثن في عقدهن، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُحر حتى إنه ليُخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، وأنه قال لها ذات يوم: «أتاني ملكان فجلس أحدُهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طبَّه؟. قال: لبيد ابن الأعصم في مشط ومشاطة وفي جف طَلْع ذكر في بئر ذروان» ***. رواه البخاري.

* أخرجه البخاري (5146) ، و (5767) ، ومسلم من حديث ابن عمر (869) .

** أخرجه النسائي (4079) ، وأوله: «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن ... » . قال الألباني: ضعيف. انظر: ضعيف سنن النسائي (ص/163) ، رقم (276) .

*** أخرجه البخاري (3175، 5763، 6063) ، ومسلم (2189) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام