قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} الآية [1] [القصص: 56] .
(1) قوله: «باب قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} » أراد المصنف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة الرد على عُبّاد القبور الذين يعتقدون في الأنبياء والأولياء أنهم ينفعون ويضرون فيسألونهم مغفرة الذنوب وتفريج الكروب وهداية القلوب، ويعتقدون أن لهم التصرف بعد الموت على سبيل الكرامة، فإذا عرف الإنسان معنى هذه الآية المترجم بها ومن نزلت فيه تبيَّن له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفضل الخلق عند الله وأعظمهم جاهاً عنده حرص واجتهد في هداية عمه أبي طالب في حال حياته وعند موته فلم يستطع ذلك ولم يقدر عليه، ثم استغفر له بعد موته فلم يغفر له بل نهاه الله عن ذلك. قال الزجَّاج: «أجمع المسلمون على أن هذه الآية نزلت في أبي طالب، وذلك أن أبا طالب قال عند موته: يا معشر بني عبد مناف، أطيعوا محمداً وصدِّقوه تفلحوا وترشدوا، فقال عليه السلام: «يا عمّ، تأمرهم بالنصح لأنفسهم وتدعها لنفسك؟» قال: فما تريد يا ابن أخي؟ قال: «أريد منك كلمة واحدة، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا أن تقول: لا إله إلا الله، أشهد لك بها عند الله تعالى» *. قال: يا ابن أخي، قد علمتُ أنك صادق، ولكني أكره أن يُقال جزع عند الموت، ولولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة ومسبَّة بعدي لقلتها، ولأقررتُ بها عينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصحك، ولكني سوف أموت على ملة الأشياخ عبدالمطلب وهاشم وعبدمناف». انتهى.
* لم أجده بهذا اللفظ.