وعن ابن مسعود [1] قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمنُ من مكر الله، والقُنوط من رحمة الله، واليأس من رَوْح الله. رواه عبدالرزاق.
35 -باب من الإيمان بالله الصبرُ على أقدار الله [2]
(1) كثيرة جداً. وإنما ذكر هذه الثلاث لجمعها للشر كله وبُعدها عن الخير، وقد وقع فيها كثيرٌ من الناس قديماً وحديثاً، نسأل الله العافية. قاله في «قرة العيون» *.
واعلم أن هذا الحديث لا يدل على حصر الكبائر، وضابطها: ما قاله المحقّقون من العلماء أنها: كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب. زاد شيخ الإسلام [الفتاوى 11/ 652] : أو نفي الإيمان. وزاد في «فتح المجيد» **: من برئ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال: ليس منا من فعل كذا وكذا.
قوله: «وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من رَوْح الله. رواه عبدالرزاق» . قال في «الشرح» ***: «ورواه ابن جرير بأسانيد صحاح» . وقد تقدم الكلام على ما جاء في حديث ابن مسعود فأغنى عن إعادته. وفيه: شدة الوعيد فيمن أَمِنَ مكر الله، وشدة الوعيد في القنوط. قاله المصنف رحمه الله.
* (ص/176) .
*** (ص/439) .
(2) قوله: «باب من الإيمان بالله الصبرُ على أقدار الله» قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ذكر الله الصبرَ في تسعين موضعاً من القرآن. واشتقاقه من صُبِر: إذا حُبس ومُنع. قال ابن القيم [المدارج 2/ 156] : الصبر حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكّي والتسخّط، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوهما.
والصبر ثلاثة أنواع: صبرٌ على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبرٌ على أقدار الله. زاد شيخ الإسلام نوعاً رابعاً وهو: الصبر عن الأهواء المخالفة للشرع.
وقال - عليه الصلاة والسلام: «ما أُعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر» *. متفق عليه، وفي حديث آخر: «الصبر نصف الإيمان» **. رواه أبونعيم والبيهقي في الشُّعَب. وقال علي - رضي الله عنه: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد. ثم رفع صوته فقال: ألاَ لا إيمان لمن لا صبر له.