فهرس الكتاب
الصفحة 283 من 358

50 -باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [1]

(1) قوله: «باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقبلها: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} أي من أبينا آدم {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} أي حواء خلقها منه {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} أي يطمئن إليها ويألفها {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي وطئها {حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا} أي لا يثقلها أولاً، إنما هو نطفة وعلقة ومضغة {فَمَرَّتْ بِهِ} أي استمرت بالماء قامت به وقعدت {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} أي صارت ذات ثقل بحملها ودنت ولادتها {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} أي آدم وحواء {لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا} أي بشراً سوياً {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} قال الإمام أحمد في معنى الآية: حدثنا عبدالصمد حثنا عمر بن إبراهيم حدثنا قتادة عن الحسن عن سمرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما ولدت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد. فقال: سمِّيه عبدالحارث فإنه يعيش، فسمته عبدالحارث فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره» *، وهكذا رواه ابن جرير عن محمد بن بشار بندار عن عبدالصمد بن عبدالوارث به .. ورواه الترمذي في تفسير هذه الآية عن محمد بن المثنى عن عبدالصمد به وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، ورواه بعضهم عن عبدالصمد ولم يرفعه، ورواه الحاكم في مستدركه من حديث عبدالصمد مرفوعاً وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ورواه الإمام أبومحمد بن أبي حاتم في تفسيره عن أبي زرعة الرازي عن هلال بن فياض عن عمر بن إبراهيم به مرفوعاً، قال ابن كثير بعد حكاية ما تقدم: وهذا الحديث

* أخرجه أحمد (5/ 11) ، والترمذي (3079) وحسنه، والحاكم (2/ 545) وصححه ووافقه الذهبي. وطعن ابن كثير في تفسيره في هذا الحديث وأعله. انظر: تيسير العزيز الحميد (ص/545) تعليق المحقق.

معلول من ثلاثة أوجه:

أحدها: قول أبي حاتم الرازي: إن عمر بن إبراهيم هو البصري لا يُحتج به.

والثاني: إنه قد روي من قول سمرة نفسه.

والثالث: قول الحسن هم: اليهود والنصارى. انتهى.

فأما قول أبي حاتم فجوابه: أن عمر بن إبراهيم قد وثقه ابن معين وروى أبوبكر بن مردويه له متابعاً من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعاً.

* وأما قول ابن كثير بأنه قد رُويَ من قول سمرة نفسه.

فجوابه: أن هذا لا يقتضي عدم رفع سمرة للحديث؛ لأن رفعه زيادة والزيادة من الثقة مقبولة لا سيما الصحابي، ولأنه يجوز أن يسمع الرجل حديثاً فيفتي به في وقت ويرفعه في وقت، ومما يؤيّد صحة رفع الحديث رواية الإمام أحمد له في مسنده، والأصل أنه لا يروي فيه إلا الأحاديث المرفوعة دون أقوال الصحابة. قاله الحافظ ابن حجر.

* وأما قول الحسن: هم اليهود والنصارى.

فجوابه: أن هذا لا يُعد من الحسن عدولاً عما رواه عن سمرة، ولا ينفي أن يكون سبب نزول الآية آدم وحواء وحكمها عام للشريكين من الذرية من اليهود والنصارى وغيرهم؛ لأنه لا يجوز قصر الآيات على سبب نزولها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام