فهرس الكتاب
الصفحة 289 من 358

يدخلون فيها ما ليس منها.

52 -باب لا يُقال السلام على الله [1]

في الصحيح (2) عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة. قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا السلامُ على الله، فإن الله هو السلام» [2] .

(1) قوله: «باب لا يقال السلام على الله» قلت: وجه مناسبة الترجمة لكتاب التوحيد أن السلام دعاء للمُسَلَّم عليه وهو يستلزم مدعواً ومدعو له، والله سبحانه غنيٌّ عن دعاء الداعي وليس هناك مدعواً سواه، فنُهوا عن السلام عليه تنزيهاً لله وتحقيقاً لجناب التوحيد. والله أعلم.

(2) قوله: «في الصحيح» أي الصحيحين «عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا إذا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا السلام على الله من عباده فإن الله هو السلام ولكن قولوا: التحيات لله» * إلخ. هذا الحديث دليلٌ على النهي عن قول: السلام على الله؛ لأن الله هو السلام، أي هو تعالى سالم من كل نقص ومن كل تمثيل، فهو الموصوف بكل كمال، المنزَّه عن كل عيب ونقص جل وعلا. قال ابن القيم رحمه الله [بدائع 2/ 137 - 142] : «السلام اسم مصدر وهو من ألفاظ الدعاء يتضمن الإنشاء والإخبار، فجهته الخبرية فيه لا تنافي الجهة الإنشائية، وهو معنى السلام المطلوب عند التحية، وفيه قولان مشهوران: أحدهما: أن السلام هنا هو الله عز وجل، ومعنى الكلام نزلت بركته عليكم، فاختير في هذا المعنى من أسماء الله عز وجل اسم السلام دون غيره. الثاني: أن السلام مصدر بمعنى السلامة، وهو المطلوب المدعو به عند

* أخرجه البخاري (835) ، ومسلم (402) .

التحية، وحق من دعا الله بأسمائه الحسنى أن يسأل في كل مطلوب بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله فيكون الداعي مستشفعاً إلى الله تعالى متوسلاً إليه به، فالمقام لما كان مقام طلب السلامة التي هي أهم شيء عند الإنسان أتى في طلبها بصيغة اسم من أسماء الله تعالى وهو السلام الذي تطلب منه السلامة، فتضمن لفظ السلام معنيَين:

أحدهما: ذكر الله.

والثاني: طلب السلامة، وهو مقصود المسلم». انتهى ملخصاً. ثم أرشدهم إلى ما ينبغي في حقه تعالى وهو قول التحيات لله أي: جميع التعظيمات المستحقة لله تعالى والصلوات أي الخمس أو العبادات كلها، والطيبات أي: من الأعمال الصالحة كلها لله، السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، تسلِّم على نفسك وعلى كل عبد صالح في السماء والأرض. ففي هذا الحديث بيان الفرق بين تحية الخالق وتحية المخلوق. فتحية الخالق: التعظيم. وتحية المخلوق: السلام الذي هو دعاء له بالسلامة. فالتعظيم بالتحية لا ينبغي إلا لله وحده، فاستبدال بعض الناس السلام في مخاطباتهم بالتحية لا يجوز، فينبغي النهي عن ذلك.

وفيه: معرفة تفسير السلام، وأنه تحية، وأنها لا تصلح إلا لله والعلّة في ذلك، وتعليمهم التحية التي تصلح لله. قاله المصنف رحمه الله تعالى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام