قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [1] [آل عمران: 175] .
(1) قوله: «باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين أن يخافوا غيره، وأمرٌ لهم أن يقصروا خوفهم عليه فلا يخافون إلا إياه، وهذا هو الإخلاص الذي أمر الله به عباده ورضيه منهم، فالخوف من أفضل مقامات الدين وأجلّها، وأجمع أنواع العبادة التي يجب إخلاصها لله تعالى. قال ابن القيم رحمه الله تعالى [إغاثة اللهفان 1/ 130] : «ومن كيد عدو الله أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه لئلا يجاهدوهم ولا يأمروهم بمعروف ولا ينهوهم عن منكر، [وأخبر تعالى أن هذا من كيد الشيطان وتخويفه] * ونهانا أن نخافهم، قال: والمعنى عند جميع المفسرين: يخوفهم بأوليائه. قال قتادة: يعظمهم في صدوركم، فكلما قوي إيمان العبد زال خوف أولياء الشيطان من قلبه، وكلما ضعف إيمانه قوي خوفه منهم، فدلت الآية على أن إخلاص الخوف من كمال شروط الإيمان» . وقال أيضاً [طريق الهجرتين (362) ] : «الخوف عبودية القلب فلا يصلح إلا لله كالذلّ والإنابة والمحبة والتوكل والرجاء وغيرها من عبودية القلب» . والخوف من حيث هو ثلاثة أقسام:
أحدها: خوف السر: وهو أن يخاف من وثن أو طاغوت أن يصيبه بما يكره، كما قال تعالى عن قوم هود: {إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هود:54] الآية، وقال تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 36] ، فعُبّاد القبور ونحوها من الأوثان يخافونها ويخوفون بها أهل التوحيد إذا أنكروا عبادتها وهذا ينافي التوحيد.
* ساقطة من المطبوع.