فهرس الكتاب
الصفحة 15 من 358

كتاب التوحيد[1]

(1) وصفته، فمن حيث هو صفة جرى تابعاً لاسم الله، ومن حيث هو اسم ورد في القرآن غير تابع بل ورود الاسم العَلَم، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] ، {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ} [الرحمن:1 - 2]

وقوله: «كتاب التوحيد» كتاب: مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، وهو بمعنى الجمع لغة، واصطلاحاً: مكتوبٌ جامعٌ لمسائل أنواع التوحيد.

والتوحيد: مصدر وحَّد يوحِّد توحيداً، وسُمي دين الإسلام توحيداً لأن مبناه على أن الله واحد في ذاته وأسمائه وصفاته لا نظير له، وواحد في ملكه وأفعاله لا شريك له، وواحد في إلاهيته وعبادته لا ندَّ له، وإلى هذه الأنواع الثلاثة ينقسم توحيد الأنبياء والمرسلين. قال العلاّمة ابن القيم رحمه الله:

من رابع والحق ذو تبيان ... والعلم أنواعٌ ثلاث ما لها

وكذلك الأسماء للرحمن ... علم بأوصاف الإله وفعله

وجزاؤه يوم المعاد الثاني ... والأمر والنهي الذي هو دينه

فالعلم بأوصاف الإله: توحيد الصفات. والعلم بالفعل: توحيد الربوبية كالخلق والرزق والإحياء والإماتة. والعلم بالأسماء: توحيد فهو توحيد المعرفة والإثبات، بإثبات ذات الرب وأسمائه وصفاته وأفعاله.

وقوله: والأمر والنهي الذي هو دينه: فهذا توحيد الإلهية والعبادة، وهو توحيد الطلب والقصد، وهو حق الله على عباده الذي يخلقهم من أجله، وهو أول واجب على المكلف، وهو مدلول شهادة أن لا إله إلا الله، ومن أجله أُرسلت الرسل، وأُنزلت الكتب، ونُصبت القبلة، وأُسست الملة، وجُردت سيوف الجهاد، وخُلقت الجنة والنار، فهو سر الخلق والأمر، وهو الذي وضع المصنف كتابه من أجله لوقوع الشرك فيه، وإليه أشار العلاّمة ابن القيم بقوله [الكافية الشافية (256) ] :

حيد العبادة منك للرحمن ... هذا وثاني نوعي التوحيد تو

تعبد بغير شريعة الإيمان ... أن لا تكون لغيره عبداً ولا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام