أنكم قد كافأتموه».
رواه أبوداود والنسائي بسند صحيح.
56 -باب لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة [1]
عن جابر قال (2) : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة» رواه أبوداود [2] .
(1) قوله: «باب لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة» أي إجلالاً وإكراماً لوجه الله تعالى أن يُسأل به إلا غاية المطالب وهي الجنة.
(2) قوله: «عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة» رواه أبوداود*.
قوله: «لا يُسأل بوجه الله» روي بالنفي والنهي، وروي بالبناء للمجهول وهو الذي في الأصل، ورُوي بالخطاب للمفرد. قاله في «الشرح» **. وأما سؤال المخلوق بوجه الله فحرام لما روى الطبراني عن أبي موسى مرفوعًا: «ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه ثم منع سائله ما لم يسأل هجراً» ***. وعن أبي عبيدة مولى رفاعة بن رافع مرفوعاً: «ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سُئل بوجه الله فمنع سائله» . رواه الطبراني أيضاً.
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - مرفوعاً: «ألا أخبركم بشر الناس؟ رجلٌ سُئل بوجه الله
* أخرجه أبوداود (1671) ، وضعَّف إسناده الألباني، انظر: رياض الصالحين (ص/586) .
** (ص/573) .
*** أخرجه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو ثقة، وفيه كلام. وحسَّنه الألباني. انظر: صحيح الترغيب رقم (851) (1/ 513) .
أخرجه الطبراني، قال الألباني: حسن لغيره. انظر: صحيح الترغيب رقم (853) (1/ 513) .
ولا يُعطي» *. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بشرِّ البرية؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «الذي يُسأل بوجه الله ولا يُعطِي» **. فهذه الأحاديث مع حديث الباب تدل على وجوب إعطاء السائل.
وفيه: «لعن من سأل أحداً بوجه الله» . قاله في «إبطال التنديد» ***.
قوله: «إلا الجنة» كأن يقول: اللهم إني أسألك بوجهك الكريم أن تدخلني الجنة. وقيل: المراد لا تسألوا الناس شيئاً بوجه الله، كأن يقول: أعطني شيئاً لوجه الله. فإن الله أعظم من أن يُسأل به شيء من الحطام. قال في «الشرح» : إن كلا المعنيين صحيح. قال الحافظ العراقي: «وذكر الجنة إنما هو للتنبيه على الأمور العظام لا للتخصيص، فلا يُسأل بوجه الله في الأمور الدنيئة بخلاف الأمور العظام تحصيلاً أو دفعاً كما يشير إليه استعاذة النبي - صلى الله عليه وسلم - به، قال في «إبطال التنديد» : والحديث أحق مما قال.
وحديث الباب من جملة الأدلة المتواترة في الكتاب والسنة على إثبات الوجه لله تعالى كما هو طريقة أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاً.
وفيه: النهي عن أن يُسأل بوجه الله إلا غاية المطالب، وإثبات صفة الوجه. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
* أخرجه أحمد (5/ 96 - 97) الرسالة، والترمذي (1719) . وقال الألباني: صحيح. انظر الصحيحة (255) .
** أخرجه أحمد (2/ 396) ، وفي إسناده ضعف ويشهد له غيره من الأحاديث.
*** (ص/273) .
(ص/573) .
(ص/273)