62 -باب ما جاء في كثرة الحلف [1]
وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [2] [المائدة: 89] .
عن أبي هريرة [3] قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الحَلِف مَنفَقةٌ للسلعة، مَمْحَقةٌ للكَسْب» . أخرجاه.
(1) قوله: «باب ما جاء في كثرة الحلف» أي من النهي عنه والوعيد عليه.
(2) قوله: «وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} ذكر غير واحد من المفسرين عن ابن عباس: يريد لا تحلفوا. وهذا هو الشاهد من الآية للترجمة، قال في «فتح المجيد» *: وهو المعنى الذي أراد المصنف من الآية، وقال آخرون: احفظوا أيمانكم عن الحنث فلا تحنثوا. وقال ابن جرير: لا تتركوها بغير تكفير؛ لأنه يلزم من كثرة الحلف كثرة الحنث، مع ما في ذلك من الاستخفاف بعظمة الله، وهذا مما ينافي كمال التوحيد الواجب أو عدمه. قاله في «فتح المجيد» **. وفيه: الوصية بحفظ الأيمان. قاله المصنف رحمه الله.
(3) قوله: «وعن أبي هريرة: قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب» أخرجاه» ***. أي البخاري ومسلم، وأخرجه أبوداود والنسائي.
قوله: «الحلف منفقة للسلعة» أي مظنة لنفاقها ورواجها عند المشتري، فإذا حلف أنه أعطى بها كذا أو أنه اشتراها بكذا ظنه صادقاً فيأخذها بزيادة على ما ذكره.
وقوله: «ممحقة للكسب» أي مظنة لمحق الكسب، فإنه يحلف بالله كاذباً قد عصى الله فيعاقب بمحق البركة، فإذا ذهبت بركة كسبه دخل عليه من النقص أعظم من تلك الزيادة التي دخلت عليه بسبب حلفه، وربما ذهب ثمن تلك السلعة رأساً،
*** أخرجه البخاري (2087) ، ومسلم (1606) .