فهرس الكتاب
الصفحة 287 من 358

قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى [1] فَادْعُوهُ بِهَا [2] وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} (3) [الأعراف:180] الآية. ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} : يشركون [3] .

(1) قوله: «باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أشار المصنف رحمه الله تعالى بالترجمة بهذه الآية إلى الرد على الذين يتوسلون بذوات الأموات، مع أن المشروع التوسل بالأسماء والصفات والأعمال الصالحات. قاله في «قرة العيون» *. أخبر تعالى أن له أسماء وأنها حسنى، أي قد بلغت الغاية في الحسن فلا أحسن منها ولا أكمل، فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة النقص، فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا يعدل عما سمى به نفسه إلى غيره، كما لا يتجاوز ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله إلى ما وصفه به المبطلون.

(2) وقوله {فَادْعُوهُ بِهَا} ودعاؤه بها نوعان: دعاء ثناء وعبادة، ودعاء طلب ومسألة. فلا يُثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى، كذلك لا يُسأل إلا بها، فلا يُسأل في كل مطلوب إلا باسم يكون مقتضياً لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلاً بذلك الاسم، تقول: رب اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، ولا يحسن: إنك أنت السميع البصير، ونحو ذلك. قاله ابن القيم رحمه الله. وقوله - صلى الله عليه وسلم: «إن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة» ** رواه البخاري قال ابن حزم: «جاءت في إحصائها أحاديث مضطربة لا يصح شيء

* (ص/224) .

** أخرجه البخاري (6410) ، ومسلم (2677) .

(3) منها». انتهى. وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: «أما قوله «إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة» فالكلام جملة واحدة. وقوله: «من أحصاها دخل الجنة» صفة لا خبر مستقل. والمعنى: له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة، وهذا لا ينبغي أن يكون له أسماء غيرها، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم: «أسألك بكل اسم هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك» * فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسماً: سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه. وقسماً: أنزل به كتابه وتعرف به إلى عباده. وقسماً: استأثر به في علم الغيب عنده، لم يطلع عليه أحداً من خلقه». انتهى.

قوله: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} أي اتركوهم وأعرضوا عن مجادلتهم، قال العوني «عن ابن عباس - في قوله {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} - يشركون، وعنه سموا اللاّت من الإله، والعزّى من العزيز» .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام