في الصحيح [1] عن ابن المُسيِّبِ عن أبيه [2] قال: لما حضَرَت أبا طالب الوفاةُ جاءه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وعنده عبدُالله بن أبي أُميَّة وأبوجهل، فقال له: «يا عمّ [3] ، قل: لا إله إلا الله [4] ،
(1) قوله: «في الصحيح» أي الصحيحين «عن ابن المسيب» وهو سعيد بن المسيب المخزومي القرشي، أحد العلماء الأثبات والفقهاء الكبار الحفَّاظ العبَّاد، اتفقوا على أن مراسيله أصح المراسيل. قال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين.
(2) قوله: «عن أبيه» وأبوه المسيب صحابي، وكذا جده حَزَن صحابي، استشهد باليمامة. قال: «لما حضرت أبا طالب الوفاة» أي ظهرت عليه علامات الموت «جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عبدالله بن أبي أمية وأبوجهل» يحتمل أن يكون المسيب حضر هذه القصة، فإن المذكورين من بني مخزوم، وهو أيضاً مخزومي وكانوا يومئذٍ كفاراً فمات أبوجهل على الكفر وأسلم الآخران، وفي هذا جواز عيادة المشرك إذا رُجي إسلامه، وجواز حمل العلم إذا كان فيه مصلحة راجحة على عدمه.
(3) قوله: «فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «يا عم» منادى مضاف يجوز فيه إثبات الياء وحذفها. قاله في «الشرح» *.
(4) قوله: «قل: لا إله إلا الله كلمةً أُحاجّ لك بها عند الله» ** أي قل هذه الكلمة لأنه يعرف معناها وما دلَّت عليه من البراءة من كل معبود سوى الله، فلو قالها في تلك الحال لنفعته؛ لأنه لا يقولها إلا عن اعتقاد لمعناها وما دلت عليه.
وفيه معرفة تفسير قوله «قل: لا إله إلا الله» بخلاف ما عليه من يدعي العلم، وأن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال الرجل: قل لا إله إلا الله، فقبَّح اللهُ مَنْ أبوجهلٍ أعلمَ منه بأصل الإسلام. قاله المصنف رحمه الله.
وقوله «كلمة» بالنصب على أنه بدل من لا إله إلا الله، ويجوز رفعها على
* (ص/250)
** أخرجه البخاري (1360، 3884) ، ومسلم (24) .