كلمةً أُحاجُّ لك بها
عند الله [1] ». فقالا له [2] : أترغبُ عن ملةِ عبدالمطلب؟ فأعاد عليه
النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبدالمطلب،
وأبَى أن يقول لا إله إلا الله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «لأستغفرنّ لك ما لم
(1) احتمال لمبتدأ. قاله القرطبي.
قوله: «أُحاجّ لك بها عند الله» هو بتشديد الجيم من المحاجَّة جواب الأمر، أي أشهد لك بها عند الله. وفيه دليل على أن الأعمال بالخواتيم، فلو قالها نفعته وإن لم يعمل شيئاً غير ذلك.
(2) قوله: «فقالا له» أي أبوجهل وعبدالله بن أبي أمية «أترغب عن ملة عبدالمطلب» ذكَّراه الحُجَّة الملعونة التي يتعلق بها المشركون الأولون والآخرون وهي تقليد الآباء والكبراء، وأخرجا الكلام مخرج الاستفهام مبالغة في الإنكار لعظمة هذه الحجة عندهم، ولذا اكتفياء بها في المجادلة مع مبالغته - صلى الله عليه وسلم - وتكراره، فلأجل وضوحها عندهم اقتصرا عليها. قاله المصنف رحمه الله.
و «ملة عبدالمطلب» هي عبادة الأوثان والشرك بالله في إلهيته «فأعاد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعاد، فكان آخر ما قال» الأحسن فيه الرفع على أنه اسم «كان» وجملة «هو» وما بعدها الخبر «هو على ملة عبدالمطلب» . وقد رواه الإمام أحمد بلفظ: أنا على ملة عبدالمطلب فغيره الراوي استقباحاً للفظ المذكور؛ لأنه لو حكاه بلفظه لأوهم عود الضمير إلى المتكلم وهو من التصرفات الحسنة. قاله الحافظ ابن حجر.
قوله: «وأبى أن يقول لا إله إلا الله» قال الحافظ ابن حجر: «هذا تأكيدٌ من الراوي في نفي وقوع ذلك من أبي طالب» .
وفيه: الرد على من زعم إسلام عبدالمطلب وأسلافه، ومضرّة أصحاب السوء على الإنسان، ومضرة تعظيم الأسلاف. قاله المصنف رحمه الله تعالى.