فهرس الكتاب
الصفحة 128 من 358

أُنْهَ عنك [1] » فأنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ

يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [2]

(1) قوله: «فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أُنْه عنك» . وفي رواية مسلم: «أَمَا والله لأستغفرن لك» . قال النووي: وفيه جواز الحلف من غير استحلاف، والحلف

(2) والحلف هنا لتأكيد العزم على الاستغفار.

قوله: «فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية» أي: ما ينبغي لهم ذلك، وهو خبر بمعنى النهي. والظاهر أن هذه الآية نزلت في أبي طالب، فإن الإتيان بالفاء المفيدة للترتيب في قوله فأنزل الله بعد قوله: «لأستغفرن لك ما لم أُنْه عنك» يفيد ذلك، وقد ذكر العلماء لنزول هذه الآية أسباباً أُخر، فلا منافاة؛ لأن أسباب النزول قد تتعدّد، وقد روى الطبراني عن عمرو بن دينار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فلا أزالُ أستغفر لأبي طالب حتى نهاني عنه ربي» . فقال أصحابه: نستغفر لآبائنا كما استغفر نبينا لعمه فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة:113 - 114] . قال الحافظ ابن حجر [الفتح 7/ 195] : «ويظهر أن الآية المتعلقة بالاستغفار نزلت بعد أبي طالب بمدة، وهي عامة في حقه وحق غيره، يوضح ذلك ما يأتي في التفسير، فأنزل الله بعد ذلك: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية، ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت} كلُّه ظاهر في أنه مات على غير الإسلام، ويضعف ما ذكره السهيلي أنه رأى في بعض كتب المسعودي أنه أسلم؛ لأن مثل ذلك لا يعارض ما في الصحيحين» . انتهى.

وفيه: تحريم الاستغفار للمشركين وموالاتهم ومحبتهم؛ لأنه إذا حرم الاستغفار لهم فموالاتهم ومحبتهم أولى. قاله الحافظ ابن حجر.

* أخرجه الطبري في تفسيره (11/ 31) ، والسيوطي في الدر المنثور (3/ 283) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام