فهرس الكتاب
الصفحة 219 من 358

«إنّ من ضُعْف اليقين أن تُرضيَ الناس

بسخط الله، وأن تحمدَهم على رزق الله، وأن تذمَّهُم على ما لم يُؤتك الله، إن رزق الله لا يجرُّه حرصُ حريص، ولا يردُّهُ كراهيةُ كاره».

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس» . رواه ابن حبان في صحيحه [1] .

(1) منهم، وإما ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة، فإنك إذا أرضيتَ اللهَ نصرك ورزقك وكفاك مؤونتهم، وإرضاؤهم بما يسخط الله إنما يكون خوفاً منهم ورجاء لهم، وذلك من ضعف اليقي». انتهى. وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة. وفيه: أن اليقين يضعف ويقوى، وعلامة ضعفه ومن ذلك هذه الثلاثة. قاله المصنف رحمه الله تعالى. وفيه: أن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وإلا لم تكن هذه الثلاث من ضعفه وأضدادها من قوته. قاله في «الشرح» *.

قوله: «وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من التمس رضا الله بسخط الناس؛ رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه وأسخط عليه الناس» **. رواه ابن حبان في صحيحه. ورواه الترمذي عن رجل من أهل المدينة قال: كتب معاوية - رضي الله عنه - إلى عائشة - رضي الله عنها - أن اكتبي لي كتاباً توصيني فيه ولا تكثري عليّ. فكتبت عائشةُ - رضي الله عنها: (إلى معاوية، سلام عليك، أما بعد: فإني سمعت

* (ص/424) .

** أخرجه ابن حبان في صحيحه (1/ 510) رقم (276) ، من طريق الترمذي (2414) ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 288) . ...

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس» . والسلام عليك. ورواه أبونعيم في الحلية*.

قوله: «من التمس» أي: طلب. قال شيخ الإسلام [الفتاوى 1/ 52): «وكتبت عائشة - رضي الله عنها - إلى معاوية، ورُوي أنها رفعته: «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله لم يُغْنوا عنه من الله شيئاً» هذا لفظ المرفوع، ولفظ الموقوف «من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله عاد حامده من الناس له ذامَّاً» . وهذا من أعظم الفقه في الدين، فإن من أرضى الله بسخطهم كان قد اتقاه وكان عبده الصالح والله يتولى الصالحين والله كاف عبده، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3] ، والله يكفيه مؤونة الناس بلا ريب. وأما كون الناس كلهم يرضون عنه فقد لا يحصل ذلك لكن يرضون عنه إذا سلموا من الأغراض، وإذا تبين لهم العاقبة، «ومن أرضى الناس بسخط الله لم يُغنوا عنه من الله شيئاً» ، كالظالم الذي يعض على يديه. وأما كون حامده ينقلب ذامَّاً فهذا يقع كثيراً ويحصل في العاقبة، فإن العاقبة للمتقين لا تحصل ابتداء». انتهى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام