فهرس الكتاب
الصفحة 218 من 358

عن أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعاً [1] :

(1) قوله: «وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعاً: «إنّ من ضُعْف اليقين أن تُرضيَ الناس بسخط الله، وأن تحمدَهم على رزق الله، وأن تذمَّهُم على ما لم يُؤتك الله، إن رزق الله لا يجرُّه

* ... (ص/421 - 422) .

حرصُ حريص، ولا يردُّهُ كراهيةُ كاره» * هذا الحديث رواه أبونعيم في الحلية، والبيهقي وأعله بمحمد ابن مروان السدي. وقال: ضعيف. وفيه أيضاً عطية العوفي ذكره الذهبي في الضعفاء والمتروكين، ومعنى الحديث صحيح وتمامه: «وأن الله بحكمته جعل الروح والفرح في الرضى واليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط» .

قوله: «إن من ضُعف اليقين» الضُعف بالضم ويحرك ضد القوة، والضَّعف بالفتح في الردى، وبالضم في البدن، واليقين كمال الإيمان. قال ابن مسعود: اليقين الإيمان كله، والصبر نصف الإيمان. رواه أبونعيم في الحلية والبيهقي في الزهد من حديثه مرفوعاً.

قوله: «أن ترضي الناس بسخط الله» أن تُؤثر رضاهم على رضى الله وذلك إذا لم يقم بقلبه من إعظام الله وإجلاله وهيبته، ما يمنعه من استجلاب رضى المخلوق بما يجلب له سخط خالقه وربه ومليكه، الذي يتصرف في القلوب، ويفرِّج الكروب، ويغفر الذنوب، وبهذا الاعتبار يدخل في نوع من الشرك؛ لأنه آثر رضى المخلوق على رضى الله، وتقرب إليه بما يسخط الله، ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله ووفقه لمعرفته ومعرفة إثبات صفاته على ما يليق بجلاله، وتنزيهه تعالى عن كل ما ينافي كماله، ومعرفة توحيده في ربوبيته وإلهيته. قاله في «فتح المجيد» **. وقال ابن رجب رحمه الله تعالى: «فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فهو تراب فكيف يقدّم طاعة من هو تراب على طاعة رب الأرباب؟ أو كيف يرضى التراب بسخط الملك الوهاب؟ إن هذا لشيء عجاب» .

* أخرجه أبونعيم في الحلية (10/ 41) ، و البيهقي (1/ 152 - 153) في شعب الإيمان، بلفظ «إن من ضعف اليقين .. » . قال الألباني: «موضوع» . انظر: الضعيفة (1482) .

قوله: «وأن تحمدهم على رزق الله» أي على ما وصل إليك من أيديهم بأن تضيفه إليهم وتحمدهم عليه، والله تعالى هو الذي كتبه لك ويسّ‍ره لك، فإذا أراد أمراً قيّض له أسباباً، ولا ينافي هذا حديث: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» * لكون الله ساقه على أيديهم فتدعو لهم أو تكافئهم لحديث: «من صنع إليكم معروفاً فكافئوه» ** الحديث.

قوله: «وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله» لأنه لم يقدر لك ما طلبته على أيديهم، فلو قدر ساقه إليك، فمن علم أن الله سبحانه هو المنفرد بالعطاء والمنع بمشيئته وإرادته وأنه الذي يرزق العبد بسبب وبلا سبب، ومن حيث لا يحتسب لم يسأل حاجته إلا منه وحده، ولم يمدح مخلوقاً على رزق، ولم يذمه على منع، ويفوض أمره إلى الله ويعتمد عليه في أمر دينه ودنياه، ولعل ما منع من ذلك يكون خيراً له ويحسن الظن بالله سبحانه ولا يرغب إلا إليه ولا يخاف إلا من ذنبه، وقد قرّر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى بقوله: «إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره» *** كما قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:2] .

قال شيخ الإسلام [الفتاوى 1/ 51] : «اليقين يتضمن اليقين في القيام بأمر الله وما وعد أهل طاعته. ويتضمن القيام بقدر الله وخلقه وتدبيره، فإذا أرضيتهم بسخط

الله لم تكن موقناً لا بوعده ولا برزقه، فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما

ميل إلى ما في أيديهم فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه

* أخرجه الترمذي (2021) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال: حديث حسن، والإمام أحمد (7939) (13/ 322) الرسالة، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (6601) (2/ 822) .

** أخرجه أبوداود (1672) ، والنسائي (2567) . قال الألباني: صحيح. انظر: صحيح سنن أبي داود (1/ 314) رقم (1468) .

*** أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (ص: 4، 74) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام