واستعن بالله [1] ولا تعجزنَّ [2] ،
(1) قوله: «واستعن بالله» لما كان حرص الإنسان وفعله إنما هو بمعونة الله ومشيئته وتوفيقه أمره أن يستعين به ليجمع له بين مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] فإن حرصه على ما ينفعه عبادةٌ لله، ولا تتم إلا بمعونة الله، فأمرَه أن يعبده وأن يستعين به. قاله ابن القيم رحمه الله تعالى.
(2) قوله: «ولا تعجزن» النون نون التوكيد الخفيفة، نهاه - صلى الله عليه وسلم - عن العجز وذمَّه، والعجز مذموم شرعاً وعقلاً، وفي الحديث «الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» **. قال ابن القيم:
* أخرجه مسلم (2664) .
** أخرجه الترمذي (2461) وقال: هذا حديث حسن، وابن ماجه (4261) ، وأحمد (4/ 124) . قال الألباني: ضعيف. انظر: ضعيف سنن الترمذي ص (279 رقم(2590) .
«فالحريص على ما ينفعه المستعين بالله ضد العاجز فهذا إرشاد له قبل وقوع المقدور إلى ما هو من أعظم أسباب حصوله وهو الحرص عليه مع الاستعانة بمن أَزِمَّة الأمور بيده ومصدرها منه ومردَّها إليه، فإذا وقع المقدور فللعبد حالتان: حالة عجز، وهي مفتاح عمل الشيطان فيلقيه العجز إلى «لو» ، ولا فائدة فيها؛ بل هي مفتاح اللوم والعجز والسخط والحزن، وهذا من عمل الشيطان، فنهاه عن افتتاح عمله بهذا المفتاح، وأمره بالحالة الثانية وهي النظر إلى القدر وأنه لو قُدر لم يفته ولم يغلبه عليه أحدٌ ولهذا قال: «وإن أصابك شيء» أي غلبك الأمر ولم يحصل المقصود بعد بذل الجهد والاستعانة بالله «فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، قل: قدَّر الله وما شاء فعل» فأرشده إلى ما ينفعه حالة حصول مطلوبه، وحالة فواته؛ ولهذا كان هذ الحديث مما لا يُستغنى عنه، وهو يتضمن إثبات القدر والكسب والاختيار والقيام بالعبودية ظاهراً وباطناً في حالتي حصول المطلوب وعدمه». انتهى ملخصاً. وفيه: الأمر بالحرص على ما ينفع مع الاستعانة بالله والنهي عن ضد ذلك وهو العجز. قاله المصنف رحمه الله.