في الصحيح [1] عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «احرِص على
ما ينفعك [2] ،
(1) قوله: «في الصحيح» أي صحيح مسلم «عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن» اختصر المصنف رحمه الله هذا الحديث، وأوله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله
(2) من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك .. » * إلى آخره. قال ابن القيم رحمه الله: «تضمَّن هذا الحديث أصولاً عظيمة من أصول الإيمان، أحدها: أن الله سبحانه موصوف بالمحبة وأنه يحب حقيقةً. الثاني: أنه يحب مقتضى أسمائه وصفاته وما يوافقها، فهو القوي يحب المؤمن القوي، وهو وتر يحب الوتر، وجميل يحب الجمال، وعليم يحب العلماء، ونظيف يحب النظافة، ومؤمن يحب المؤمنين، ومحسن يحب المحسنين، وصابر يحب الصابرين، وشاكر يحب الشاكرين. ومنها أن محبته للمؤمنين تتفاضل فيحب بعضهم أكثر من بعض، ومنها أن سعادة الإنسان في حرصه على ما ينفعه في معاشه ومعاده. والحرص هو بذل الجهد واستفراغ الوسع.
وقوله: «احرص على ما ينفعك» أي في معاشك ومعادك، والمراد الحرص على فعل الأسباب التي تنفع العبد في دنياه وأخراه مما شرعه الله تعالى لعباده من الأسباب الواجبة والمستحبة والمباحة ويكون العبد في حال فعله السبب مستعيناً بالله وحده ليتم له مطلوبه، ويكون اعتماد العبد على الله مع فعل السبب؛ لأن الله هو الذي خلق السبب والمسبب ولا ينفعه سبب إلا إذا نفعه الله به، ففعل السبب سنة والتوكل على الله توحيد، فإذا جمع بينهما تم له مراده بإذن الله.