من أمر الجاهلية لا يتركونهنّ: الفخرُ بالأحساب [1] ، والطعن في الأنساب [2] ،
(1) جاءت به الأنبياء والمرسلون فهو جاهلية. قاله في «الشرح» *.
وقال شيخ الإسلام [الاقتضاء 1/ 205] : «أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم ذمّاً لمن لم يتركه، وهذا يقتضي أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم فهو مذموم في دين الإسلام، وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذمٌّ لها. ومعلوم أن إضافتها إلى الجاهلية خرج مخرج الذمِّ، وهذا كقوله: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى} [الأحزاب:33] وذلك يقتضي المنع من مشابهتم في الجملة» . انتهى. ولشيخنا رحمه الله مصنف لطيف فيما خالف فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَ الجاهلية بلغ مائة وعشرين مسألة. قاله في «فتح المجيد» **.
قوله: «الفخر بالأحساب» أي التعاظم على الناس بالآباء ومآثرهم وذلك جهلٌ عظيم إذ لا كرم إلا بالتقوى، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] ، ولأبي داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: «إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّةِ الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمنٌ تقي، أو فاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خُلق من تراب، ليدعُنَّ رجالٌ فخرَهم بأقوام إنما هم فحمٌ من فحم جهنم، أو ليكوننَّ أهون على الله من الجُعلان التي تدفع النَّتَنَ بأنفها» ***.
(2) قوله: «والطعن في الأنساب» أي ذمّها وعيبها، ولَمَّا عيَّرَ أبوذر رجلاً بأمه، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم: «أعيّرتَهُ بأُمِّه؟ إنك امروٌ فيك جاهلية» متفق عليه. فدلَّ على أن الطعن في الأنساب من عمل الجاهلية، وأن الرجل مع فضله وعلمه ودينه قد يكون فيه بعض هذه الخصال المسماة بجاهلية ويهودية ونصرانية، ولا
* (ص/389) .
*** أخرجه أبوداود (5116) ، والترمذي (2/ 331) ، وأحمد (2/ 361، 524) ، وقال الترمذي: حسن صحيح. وحسّنه الألباني في غاية المرام برقم (312) .
*** أخرجه البخاري (30) و (6050) ، ومسلم (1661) .