ولمسلم عن جُندَب [1] بن عبدالله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قبل أنْ يموتَ بخمسٍ وهو يقول: «إني أبرَأُ إلى الله أن يكون لي منكم
(1) قوله: «ولمسلم عن جندب» بن سفيان البجلي وينسب إلى جده، صحابي مشهور مات بعد الستين - رضي الله عنه - «قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس» أي خمس ليال «وهو يقول: إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليلٌ، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً» ، والخليل هو المحبوب غاية المحبة. قال في «النهاية» [2/ 68] : «الخُلَّة - بالضم: الصداقة والمحبة التي تخلّلت القلب فصارت في خِلاَلَه: أي في باطنه. والخليل: الصديق فَعِيل بمعنى مُفَاعِل، وقد يكون بمعنى مفعول، وإنما قال ذلك لأن خُلَّته كانت مقصورة على حب الله تعالى فليس لغيره فيها مُتَّسع» .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «الخُلَّة توحيد المحبة، فالخليل هو الذي توحَّد حبُّه لمحبوبه وهي رتبة لا تقبل المشاركة، ولهذا اختص بها في العالم الخليلان إبراهيم ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما، وأما ما يظنه بعض الغالطين من أن المحبة أكمل من الخلة وأن إبراهيم خليل الله ومحمد حبيب الله فمن جهله، فإن المحبة عامة، والخلة خاصة، وهي نهاية المحبة. وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله اتخذه خليلاً ونفى أن يكون له خليل غير ربه مع إخباره بحبه لعائشة، ولأبيها، ولعمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وأيضاً فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب الصابرين، وخلته خاصة بالخليلين» .
* أخرجه البخاري (435) و (1330) و (1390) ، ومسلم (531) .