قالت: لما نُزِلَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يطرحُ خميصة له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشَفَها، فقال وهو كذلك: «لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد [1] » . يُحذِّر ما صنعُوا [2] ، ولولا ذلك أُبرزَ قبرُه [3] ،
غير أنه خَشي أن يُتَّخذَ مسجداً [4] . أخرجاه.
(1) قوله: «فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» * وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة، وهذا يُبيِّن أن من فعل مثل ذلك حلَّ عليه من اللعنة ما حل على اليهود والنصارى.
(2) وقوله: «يحذِّر ما صنعوا» والظاهر أن هذا مدرجٌ في الحديث من كلام عائشة رضي الله عنها؛ لأنها فهمت من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك تحذير أمَّته عن أن يفعلوا هذا الصنيع الذي كانت تفعله اليهود والنصارى معه ومع الصالحين من أمته. وهذا الذي لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعله تحذيراً لأمته أن يفعلوه معه ومع الصالحين من أمته قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة واعتقدوه قربةً من القربات، وهو من أعظم السيئات والمنكرات وما شعروا أن ذلك محادَّة لله ورسوله.
(3) قوله: «ولولا ذلك» أي ما كان يحذر من اتخاذ قبره مسجداً «لأبرز قبره» وجعل مع قبور أصحابه في البقيع.
* يأتي تخريجه (ص/94) وهو في الصحيحين.
(4) قوله: «غير أنه خُشي أن يتخذ مسجداً» * بفتح الخاء وضمها، فعلى الفتح يكون هو الذي خشي ذلك - صلى الله عليه وسلم - وأمرهم أن يدفنوه في المكان الذي قُبض فيه، وعلى رواية الضم يحتمل أن يكون الصحابة هم الذين خافوا أن يقع ذلك من بعض الأمة فلم يبرزوا قبره.