فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل [1] .
ولهما عنها [2]
(1) قوله: «فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل» هذا من كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله -، ذكره المصنف تنبيهاً على ما وقع من شدة الفتنة بالقبور والتماثيل، فإن الفتنة بالقبور كالفتنة بالأصنام أو أشد. قاله في «فتح المجيد» **.
قال شيخ الإسلام [الاقتضاء 2/ 674] : «وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع - صلى الله عليه وسلم - عن اتخاذ المساجد على القبور هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك، فإن النفوس قد أشركت بتماثيل الصالحين وتماثيل يزعمون أنها طلاسم الكواكب ونحو ذلك، فإن الشرك بقبر الرجل الذي يُعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أوحجر، ولهذا تجد أهل الشرك يتضرعون عندها ويخشعون، ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله، ولا وقت السَّحَر، ومنهم من يسجد لها، وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا
* أخرجه البخاري (427) و (474) و (1341) و (3873) ، ومسلم (528) .
(2) يرجونه في المساجد، فلأجل هذه المفسدة حسم النبي - صلى الله عليه وسلم - مادتها حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقاً، وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة بصلاته، وأما إذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبركاً بالصلاة في تلك البقعة فهذا عين المحادَّة لله ولرسوله، والمخالفة لدينه، وابتداع دين لم يأذن به الله». انتهى ملخصاً.
قوله: «ولهما» أي البخاري ومسلم «عنها» أي عن عائشة رضي الله عنها «قالت: لما نُزِلَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» بضم النون وكسر الزاي أي: نزلَ به ملكُ الموت والملائكة الكرام لقبض روحه الشريفة «طَفِقَ» بكسر الفاء أي جعل «يطرح خميصة له على وجهه» والخميصة كساء له أعلام «فإذا اغتمّ بها كشفها عن وجهه» وفيه: ما بُلِيَ به - صلى الله عليه وسلم - من شدة النزع. قاله المصنف.