-رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد اللهُ
تعالى أن يُوحيَ بالأمر تكلَّم بالوحي [1] أخذتِ السموات منه رجفةٌ [2] -أو قال رِعدَةٌ شديدة [3] -، خوفاً من الله عز وجل، فإذا سمع ذلك أهلُ السموات صَعِقُوا وخَرُّوا لله سُجَّداً [4] ،
(1) إرادة شرعية دينية، فتكون هي المحبة، وإرادة كونية قدرية فتكون هي المشيئة.
قوله: «تكلم بالوحي» فيه التصريح بأن الله يتكلم بالوحي فيوحيه إلى جبريل عليه السلام. ففيه: الرد على الأشاعرة في إنكارهم كلام الرب تعالى وزعمهم أن القرآن عبارة عن كلام الله.
(2) قوله: «أخذت السموات منه رجفة» هو برفع رجفة على أنه فاعل، أي أصاب السموات منه رجفة أي ارتجفت، كما روى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: إذا قضى الله تبارك وتعالى أمراً رجفت السموات والأرض والجبال وخرَّت الملائكة كلهم سجداً.
(3) قوله: «أو قال: رِعدَة شديدة» شكٌّ من الراوي .. هل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - رجفة أو قال رعدة؟ - وهو بفتح الراء - «خوفاً من الله عز وجل» يعني أن ارتجافها وارتعادها ناشئ عن خوفها من الله تعالى، فالسموات تخاف الله بما جعل فيها من الإحساس ومعرفة من خلقها كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء:44] ، وفي البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل» *.
وفي حديث أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ في يده حصيات فسمع لهن تسبيحاً كحنين النحل**، وكذا في يد أبي بكر وعمر وعثمان، وهو حديث مشهور في المسانيد.
(4) قوله: «فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا وخروا لله سُجّداً» أي يحصل لهم
* أخرجه البخاري (3579) ، وأحمد (1/ 460) .
** أخرجه البزار في المسند (3413، 2414) ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 299) ورجال أحدهما ثقات، وفي بعضهم ضعف.