فهرس الكتاب
الصفحة 118 من 358

فيكونُ أولَ من يرفع رأسَه جبريلُ [1] ، فيكلِّمه اللهُ من وَحيه بما أراد [2] ، ثم يمرُّ جبريل على الملائكة كلما مرَّ بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربُّنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحقَّ وهو العليُّ الكبير [3] ، فيقولون كلهم مثلَ ما قال جبريلُ. فينتهي جبريلُ بالوحي إلى حيثُ أمرَهُ اللهُ عز وجل [4] ».

(1) الأمران: الصعق وهو الغشي، والسجود هيبية وتعظيماً لربهم وخشية لما سمعوا من كلام الله تعالى وتقدس.

قوله: «فيكون أول من يرفع رأسه جبريل» لأنه مَلَك الوحي. وفيه: فضيلة جبريل عليه السلام كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير:19 - 21] ، قال أبو صالح في قوله: {عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} قال جبريل: يدخل في سبعين حجاباً من نور، بغير إذن*.

(2) قوله: «فيكلمه الله من وحيه بما أراد» وفيه: إثبات صفة الكلام والإرادة.

(3) قوله: «ثم يمر جبريل على الملائكة كلما مرَّ بسماء يسأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول: قال الحق وهو العلي الكبير» فله العلو المطلق سبحانه علو القدر وعلو القهر وعلو الذات.

(4) قوله: «فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل فينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل» وتمامه «من السماء والأرض» ، وقد بيَّض المصنف لتمام الحديث ومن رواه. وقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني قاله في «الشرح» **.

وفيه: ارتجاف السموات لكلام الله عز وجل وأن تلك الرجفة والغشي خوفاً من الله - عز وجل -، وأن الغشي يعم أهل السموات كلهم وأنهم يخرون لله سجداً، وأن أول من يرفع رأسه جبريل، وسبب سؤال الملائكة وتفسير قوله: «قال الحق وهو العلي الكبير» ، وأن جبريل ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله - عز وجل -،

* أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (30/ 80) .

** (ص/227) . ...

وأنه يجيب الملائكة بعد ذلك بقوله: قال كذا وكذا، وأنه يقول لأهل السموات كلهم، وإثبات الصفات خلافاً للأشعرية المعطلة. قاله المصنف رحمه الله تعالى.

والآيات المذكورة في هذا الباب والأحاديث تقرر التوحيد، الذي هو مدلول شهادة أن لا إله إلا الله، فإن الملك العظيم، الذي تصعق الأملاك من كلامه خوفاً منه ومهابة، وترجف منه المخلوقات، الكامل في ذاته وصفاته، وعلمه وقدرته، وملكه وعِزِّه وغناه عن جميع خلقه، وافتقارهم جميعاً إليه، ونفوذ تصرفه وقدره فيهم لعلمه وحكمته؛ لا يجوز شرعاً ولا عقلاً أن يُجعل له شريك من خلقه في عبادته التي هي حقه عليهم، فكيف يجُعل المربوب رباً، والعبد معبوداً؟ أين ذهبت عقول المشركين؟! سبحان الله عما يصفون. قاله في «فتح المجيد» *.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام