فيُقال: أليس قد قال لنا يومَ كذا وكذا: كذا وكذا؟ [1] فَيُصََّق
بتلك الكلمة التي سُمعت من السماء».
وعن النوَّاس بن سِمعَان [2]
(1) قوله: «فيُقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا» فيصدِّقون بكونهم قد
* أخرجه مسلم (2299) ، وأحمد (1/ 218) ، والترمذي (3222) .
(2) يصدقون بعض الأحيان كما في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، قلت: يا رسول الله، إن الكهان كانوا يحدثونا بالشيء فنجده حقاً. قال: «تلك الكلمة التي يخطفها الجني فيقذفها في أُذن وليِّه ويزيد فيها مائة كذبة» *.
وفيه: ذكر استراق الشياطين وصفة ركوب بعضهم بعضاً وإرسال الشهب، وأنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها في أُذن وليِّه من الإنس قبل أن يدركه، وكون الكاهن يصدق في بعض الأحيان وكونه يكذب معها مائة كذبة وأنه لم يصدق كذبه «إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء» وكونهم يتلقى بعضهم من بعض تلك الكلمة ويحفظونها.
وفيه: قبول النفوس للباطل؛ كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة كذبة. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
وفيه: أن الشيء إذا كان فيه شيء من الحق فلا يدل على أنه كله حق، فكثيراً ما يلبس أهل الضلال الحق بالباطل ليكون أقبل لباطلهم، قال تعالى: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:42] ، وفي هذه الأحاديث وما بعدها وما في معناها: إثبات علو الله تعالى على خلقه على ما يليق بجلاله وعظمته، خلافاً للأشاعرة والجهمية ونفاة المعتزلة. قاله في «فتح المجيد» **.
قوله: «وعن النواس بن سِمعَان» - بكسر السين - بن خالد الكلابي، ويقال الأنصاري صحابي، ويقال: إن أباه صحابي أيضاً «قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا أراد الله أن يوحي بالأمر» *** والإرادة صفة من صفاته عز وجل، وهي نوعان:
* أخرجه البخاري (5762، 7561) ، ومسلم (2228) .
*** أخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد رقم (206) ، وابن أبي عاصم في السنة رقم (515) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (263) ، وإسناده ضعيف.