فهرس الكتاب
الصفحة 616 من 683

ثالثًا: كما يثمر ذلك أيضًا التعلق بالله وحده خوفًا ورجاءً، واستعانة وتوكلاً؛ لأنه المالك المتصرف المدبر لشؤون عباده، وما من دابة إلا هو سبحانه آخذ بناصيتها، وبالتالي يزول الخوف والتعظيم من قلوب الناس نحو السيد من البشر الذي لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا فضلاً عن أن يملكه لغيره، فلا يذل له ولا يخضع، وإنما يذل لله وحده السيد الصمد.

رابعًا: إن الشرف والسؤدد الحقيقي في هذه الدنيا إنما ينال بطاعة الله تعالى وتقواه، حيث إن الكرامة والشرف والرفعة وعلو الذكر - وهذه أركان السؤدد- إنما هي لأنبياء الله - عز وجل - وأوليائه وهم السادة على الناس، أما الكفرةُ والمنافقون والفُسَّاقُ فلا كرامة لهم ولا سيادة، وإن حصلت لهم السيادة الزائفة في وقت من الأوقات. ولذا جاء النهي عن تسمية المنافق بالسيد كما جاء في الحديث: (لا تقولوا للمنافق سيد) (1) .

خامسًا: يجوز إطلاق السيد على المخلوق كما في قوله تعالى عن يحيى عليه السلام: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] ، وكما جاء في حديث الشفاعة: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) (2) ، وقوله صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ: (قوموا إلى سيدكم) (3) ، ولا تعارض بين هذه الروايات وقوله صلى الله عليه وسلم: (السيد الله) .

قال في اللسان:"قال ابن الأنباري: إن قال قائل: كيف سمى الله - عز وجل - يحيى سيدًا وحصورًا، والسَّيد هو الله، إذْ كان مالك الخلق أجمعين، ولا مالك لهم سواه؟"

قيل له: لم يُرِدْ بالسَّيد ههنا المالك، وإنما أراد الرئيسَ والإمامَ في الخير، كما تقول العرب: فلانٌ سيدنا، أي: رئيسنا والذي نُعظِّمه" (4) ."

(1) أبو داود (4977) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4163) .

(2) مسند أحمد 3/ 2، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1468) .

(3) أبو داود (5215) ، وصححه الألباني في الجامع (4427) .

(4) لسان العرب 3/ 2145.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام