عن عائشة رضي الله عنها:"أن رجلاً قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله: إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأشتمهم وأضربهم، فكيف أنا منهم! فقال: (يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافًا، لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلاً لك. وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم. اقتص لهم منك فضلاً) .. قال: فتنحى الرجل فجعل يبكي ويهتف. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما تقرأ كتاب الله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ، فقال الرجل: والله ما أجد لي ولهؤلاء شيئًا خير من مفارقتهم، أشهدكم أنهم أحرار كلهم"(1) .
ووفاء الحقوق يوم القيامة ليس بالدينار والدرهم وإنما بالحسنات والسيئات كما جاء في حديث المفلس الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون ما المفلس؟) فقالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: (إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) (2) ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى:"بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد" (3) .
(1) رواه أحمد 6/ 280، والترمذي في التفسير من سورة الأنبياء، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2531) .
(2) مسلم (2581) .
(3) سير أعلام النبلاء 10/ 41.