أولاً: محبة الله - عز وجل - وحمده والثناء عليه على مننه العظيمة التي لا تعد ولا تحصى وأعظمها منة الهداية للإيمان كما قال سبحانه: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) } [الحجرات: 17] ، وهذا يقتضي شكره سبحانه بالقلب واللسان والجوارح، وإعمال هذه الأركان الثلاثة في طاعته والتقرب إليه وإمساكها عن كل ما يغضبه سبحانه وينهى عنه.
ثانيًا: الشعور بالتطامن وهضم النفس والاعتراف بضعفها ونقصها وأن العبد الضعيف لو وكل إلى نفسه طرفة عين لهلك وخاب وخسر ولكنه توفيق الله - عز وجل - للعبد ومنته عليه هو الذي أقامه وحفظه ويسر له أموره.
ثالثًا: والثمرة السابقة تقود إلى ثمرة أخرى ألا وهي عدم التعلق بالأسباب والركون إليها، وأنها لولا منة الله - عز وجل - وإذنه بنفعها وأثرها لم تجد على فاعلها شيئًا، فالمان بكل خير هو الله وحده مسبب الأسباب، والقاهر لكل شيء، والفعال لما يريد لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع سبحانه وبحمده. فوجب التوكل عليه وحده وتفويض الأمور إليه.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"إذا وصل إلى القلب نورُ صفة المِنَّة؛ وشهد معنى اسمه (المنَّان) ؛ وتجلَّى سبحانه على قلب عبده بهذا الاسم مع اسمه (الأول) : ذهِلَ القلبُ والنفسُ به؛ وصار العبد فقيرًا إلى مولاه بمطالعة سبق فضله الأوَّل، فصار مقطوعًا عن شهود أمرٍ أو حالٍ ينسبه إلى نفسه" (1) .
(1) طريق الهجرتين ص 57.