ويقول السعدي - رحمه الله تعالى - عن هذين الاسمين الكريمين ومثيلاتهما:"هذه الأسماء الكريمة من الأسماء المتقابلات التي لا ينبغي أن يثنى على الله بها إلا كل واحد مع الآخر، لأن الكمال المطلق من اجتماع الوصفين، فهو القابض للأرزاق والأرواح والنفوس، والباسط للأرزاق، والرحمة والقلوب .. وهذه الأمور كلها تبع لعدله وحكمته وحمده ... فعلى العبد أن يعترف بحكمة الله، كما عليه أن يعترف بفضله ويشكره بلسانه وجنانه وأركانه" (1) .
ويقول الزجاجي رحمه الله تعالى:" (القابض) : اسم الفاعل من قبض فهو قابض المفعول مقبوض، وذلك على ضروب."
فأما في هذه الآية التي ذُكر فيها هذا الحَرْف في سورة البقرة في قوله عز وجل: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [البقرة: 245] ، فقالوا: تأويله: يُقتِّر على مَن يشاء، ويوسع على مَن يشاء على حسب ما يرى من المصلحة لعباده.
فالقَبضُ ها هنا: التَّقتير والتَّضييق.
والبسط: التَّوْسعة في الرزق والإكثار منه.
فالله - عز وجل - القابضُ الباسط، يُقَتِّر على من يشاء، ويُوسِّع على من يشاء.
ومخرجُ ذلك من اللغة، أن أصلَ القبض: ضَمُّ الشيء المنبسط من أطرافه، فيَقْبضه القابض إليه أولاً حتى يَحوزه ويجمعه. والبَسط: نَشرُ الشيء المجتمع أو المنضم أو المطوي.
فمن قُبضَ رزقُه فقد ضُيِّقَ عليه، ومَن بُسط رزقه فقد فُسح له فيه ووسع عليه.
ومن ذلك قيل: فلان قَبيض، أى: بخيل شديد كأنه لا يبسط كفَّه بخير إلى أحد، ولا يَسمح بذلك. وفلان باسط الكف، وباسط الجاه، وإنما يُراد به السخاء وبذله ماله وجاهه ...
(1) انظر توضيح الكافية الشافية ص 131، والحق الواضح المبين ص 89.