فأما الغنيُّ الذي غناه من لوازم ذاته؛ وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه بذاته؛ وكلُّ من في السماوات والأرض عبيدٌ له؛ مقهورون بقهره مصرفون بمشيئته، لو أهلكهم جميعًا: لم ينقص من عِزِّه وسلطانه وملكه وربوبيته وإلهيته مثقالُ ذرةٍ، قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) } [المائدة: 17] ، وقال سبحانه في سيدة آي القرآن آية الكرسي: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] ، وقال: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 44] " (1) ."
ثانيًا: الافتقار التام إلى الله - عز وجل - لأن الفقر صفة ذاتية ملازمة للعبد في جميع أحيانه ولا حول ولا قوة له إلا بالله تعالى، ولا يستغني عن ربه سبحانه طرفة عين، لأنه سبحانه الغني ذو الغنى المطلق الذي لا يحتاج إلى أحد، وكل أحد محتاج إليه.
(1) إغاثة اللهفان 1/ 341 - 342.