فهرس الكتاب
الصفحة 548 من 683

أولاً: إفراد الله - عز وجل - بالعبادة لأنه سبحانه هو الغني المطلق، والغني وصف له سبحانه ذاتي وما سواه من الخلائق مفتقر إليه، فالأمر كله له والملك كله له، وجميع الخلق مربوبون مملوكون، فكيف يتخذ منهم معبودًا مع الله تعالى؟ وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"الأمر كلُّه لله وحده، فليس لأحدٍ معه من الأمر شيءٌ، وأعلى الخلق وأفضلهم وأكرمهم عنده: هم الرسل والملائكة المقربون - وهم عبيدٌ محضٌ: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} [الأنبياء: 27] ، ولا يتقدمون بين يديه ولا يفعلون شيئًا إلا بعد إذنه لهم وأمرهم؛ ولا سيَّما: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار: 15] ، فهم مملوكون مربوبون، أفعالهم مقيدةٌ بأمره وإذنه، فإذا أشرك بهم المشرك واتخذهم شفعاء من دونه - ظنّاً منه أنه إذا فعل ذلك تقدَّموا وشفعوا له عند الله: فهو من أجهل الناس بحقِّ الربِّ سبحانه وما يجب له ويمتنع عليه، فإن هذا محالٌ ممتنعٌ؛ شبيه قياس الربِّ تعالى على الملوك والكبراء، حيث يتخذ الرجل من خواصِّهم وأوليائهم من يشفع له عندهم في الحوائج، وبهذا القياس الفاسد عُبِدَتْ الأصنام؛ واتَّخَذَ المشركون من دون الله الشفيعَ والوليَّ."

والفرق بينهما: هو الفرق بين المخلوق والخالق؛ والربِّ والمربوب؛ والسيِّد والعبد؛ والمالك والمملوك؛ والغنيِّ والفقير؛ والذي لا حاجة به إلى أحدٍ قطُّ، والمحتاج من كلِّ وجهٍ إلى غيره ...

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام