فهرس الكتاب
الصفحة 521 من 683

وقيل: من راقب الله في خواطره، عصمه في حركات جوارحه.

وقيل لبعضهم: متى يَهِشُّ الراعي غنمه بعصاه عن مراتع الهلكة؟ فقال: إذا علم أن عليه رقيبًا.

وقال الجنيد: من تحقق في المراقبة خاف على فوات لحظة من ربه لا غير.

وقال ذو النون: علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله.

وأرباب الطريق يجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر: سبب لحفظها في حركات الظواهر؛ فمن راقب الله في سره، حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته" (1) ."

ثم استطرد - رحمه الله تعالى - في موجبات هذه المراقبة فقال:"وهي توجب صيانة الباطن والظاهر، فصيانة الظاهر: بحفظ الحركات الظاهرة. وصيانة الباطن: بحفظ الخواطر والإرادات والحركات الباطنة التي منها رفض معارضة أمره وخبره، فيتجرد الباطن من كل شهوة وإرادة تعارض أمره، ومن كل إرادة تعارض إرادته، ومن كل شبهة تعارض خبره، ومن كل محبة تزاحم محبته، وهذه حقيقة القلب السليم الذي لا ينجو إلا من أتى الله به؛ وهذا هو حقيقة تجريد الأبرار المقربين العارفين؛ وكل تجريد سوى هذا فناقص، وهذا تجريد أرباب العزائم ..."

والاعتراض ثلاثة أنواع سارية في الناس. والمعصوم من عصمه الله منها.

النوع الأول: الاعتراض على أسمائه وصفاته بالشُّبَه الباطلة، التي يسميها أربابها قواطع عقلية؛ وهي في الحقيقة خيالات جهلية، ومحالات ذهنية اعترضوا بها على أسمائه وصفاته - عز وجل - وحكموا بها عليه، ونفوا لأجلها ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، وأثبتوا ما نفاه، ووالوا بها أعداءه، وعادوا بها أولياءه، وحرفوا بها الكلم عن مواضعه، ونسوا بها نصيبًا كثيرًا مما ذُكِّروا به، وتقطعوا لها أمرهم بينهم زبرًا، كل حزب بما لديهم فرحون.

(1) مدارج السالكين 2/ 65، 66.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام