وقال الخطابي رحمه الله تعالى:" (السميع) بمعنى السامع إلا أنه أبلغ في الصفة وبناؤه فعيل بناء المبالغة كقولهم: عليم من عالم، وقدير من قادر، وهو الذي يسمع السر والنجوى سواء عند الجهر والخفوت والنطق والسكوت."
وقد يكون السماع بمعنى: القبول والإجابة؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع) (1) ، أي: من دعاء لا يستجاب، ومن ذلك قول المصلي:"سمع الله لمن حمده"معناه: قبل الله حمد من حمده" (2) ."
فيكون من معاني السميع: المستجيب لعباده إذا توجهوا إليه بالدعاء وتضرعوا.
ومن ذلك قول الخليل عليه السلام: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39] .
ويقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في نونيته:
"وهو السميع يرى ويسمع كل ما في الكون من سر ومن إعلان"
ولكل صوت منه سمع حاضر فالسر والإعلان مستويان
والسمع منه واسع الأصوات لا يخفى عليه بعيدها والداني" (3) "
وقال أيضًا:
"والحمد لله السميع لسائر الـ أصوات من سر ومن إعلان" (4)
ويقول أيضًا:" (السميع) : الذي قد استوى في سمعه سر القول وجهره، وسع سمعه الأصوات، فلا تختلف عليه أصوات الخلق، ولا تشتبه عليه، ولا يشغله منها سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يبرمه كثرة السائلين."
وقالت عائشة رضي الله عنها:"الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني ليخفى عليَّ بعض كلامها، فأنزل الله - عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) } " [المجادلة: 1] " (5) ."
(1) أحمد 3/ 192، وصححه الألباني.
(2) شأن الدعاء ص 9.
(3) النونية 2/ 215.
(4) النونية البيت رقم (4983) .
(5) طريق الهجرتين ص 234، والحديث رواه البخاري تعليقًا 13/ 273 وأحمد 6/ 46، والنسائي (3460) .