فهرس الكتاب
الصفحة 477 من 683

قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) } [الحجرات: 11] قسم العباد إلى تائب وظالم، وما ثَمَّ قِسم ثالث البتة. وأوقع اسم"الظالم"على من لم يَتُبْ. ولا أظلم منه، لجهله بربه وبحقه، وبعيب نفسه وآفات أعماله. وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا أيها الناس، توبوا إلى الله، فو الله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) (1) وكان أصحابه يَعُدُّونَ له في المجلس الواحد قبل أن يقوم: (رب اغفر لي وتب عَلَيَّ إنك أنت التواب الغفور، مائة مرة) (2) وما صلى صلاة قط بعد إذ أنزلت عليه {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) } [النصر: 1] إلى آخرها. إلا قال فيها: (سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك. اللَّهم اغفر لي) (3) ؛ وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لن يُنْجِيَ أحدًا منكم عمله) . قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: (ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل) (4) .

فصلوات الله وسلامه على أعلم الخلق بالله وحقوقه وعظمته، وما يستحقه جلاله من العبودية، وأعرفهم بالعبودية وحقوقها وأقومهم بها" (5) ."

والتوبة لا يستغني عنها أحد حتى الأنبياء - صلوات الله عليهم - لأنها ليست نقصًا، بل هي من الكمال الذي يحبه الله ويرضاه ويأمر به.

وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن معنى قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 117] ، والتوبة إنما تكون عن شيء يصدر من العبد، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكبائر والصغائر؟

(1) البخاري (6307) .

(2) مسلم (2702) ، وأبو داود (1294) .

(3) البخاري (794) ، مسلم (484) .

(4) البخاري (6463) ، مسلم (2816) .

(5) مدارج السالكين 1/ 178 - 179.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام