أو فعلتُ وأسأتُ وقد أقلعت، ولا رابع لذلك. وهذا الأخير هو"التوبة".
والتوبة في الشرع: تركُ الذنب لقُبحه، والنَّدم على ما فَرَط منه، والعزيمة على ترك المعاودِة، وتدارُكِ ما أمكنه أن يُتداركَ من الأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربعة فقد كمل شرائط التوبة" (1) ."
وأضاف أهل العلم شرطًا خامسًا إذا كان الذنب ناشئًا عن الاعتداء على حقوق العباد في نفس أو مال أو عرض، وذلك بأن يتحلل من أصحاب الحقوق ويعيد حقوقهم إليهم، وإن كان في كتم الحق وإضلال الناس فلا بد في التوبة من ذلك من بيان الحق المكتوم ورد الناس إلى الحق بعد تلبيسه عليهم.
خامسًا: حاجة العبد إلى التوبة في جميع مراحل عمره وأنها لا تفارقه ولا غنى له عنها وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "ومنزل"التوبة"أول المنازل، وأوسطها، وآخرها؛ فلا يفارقه العبد السالك، ولا يزال فيه إلى الممات. وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به، واستصحبه معه ونزل به. فالتوبة هي بداية العبد ونهايته. وحاجته إليها في النهاية ضرورية، كما أن حاجته إليها في البداية كذلك. وقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) } [النور: 13] وهذه الآية في سورة مدنية، خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم، وهجرتهم وجهادهم، ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه، وأتى بأداة "لعلَّ"المشعرة بالترجي، إيذانًا بأنكم إذا تُبْتُمْ كنتم على رجاء الفلاح، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون. جعلنا الله منهم."
(1) المفردات ص 76.