فهرس الكتاب
الصفحة 474 من 683

ويبين في موطن آخر المقصود من هذين البيتين بقوله:"فتوبة العبد محفوفة بتوبة من الله تعالى عليه قبلها، وتوبة ثانية منه عليه قبولاً ورضًا، فله الفضل في التوبة والكرم أولاً وآخرًا لا إله إلا هو" (1) .

ويؤكد هذا المعنى الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - بقوله:"فهو التائب على التائبين أولاً: بتوفيقهم للتوبة، والإقبال بقلوبهم إليه، وهو التائب على التائبين بعد توبتهم قبولاً لها وعفوًا عن خطاياهم" (2) ، ووصف الله سبحانه نفسه بالتواب لكثرة من يتوب عليه، ولتكريره ذلك في الشخص الواحد حتى يقضي عمره.

من آثار الإيمان باسمه سبحانه (التواب) :

أولاً: محبة الله - عز وجل - والأنس به، لأنه سبحانه الرحيم بعباده ومن رحمته بهم ولطفه بهم أن وفق من شاء من عباده إلى التوبة والرجوع إليه، ثم قبل ذلك منهم، بل إنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إليه أشد ما يكون من الفرح، ويكفينا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخد بخطامها ثم قال من شدة الفرح: أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح) (3) ؛ فحري بمن هذا وصفه في رحمته بعباده أن يحب الحب كله، وأن يعبد وحده لا شريك له وأن تظهر آثار هذه المحبة بإخلاص العبادة له، والتقرب إليه بطاعته ومحبة من يحبه وما يحبه، وبغض من يبغضه وما يبغضه.

(1) انظر مدارج السالكين 1/ 339، ومفتاح دار السعادة 2/ 273.

(2) تفسير السعدي 5/ 300.

(3) مسلم (2747) ، وانظر الروايات الأخرى للحديث عند مسلم (2744) ، (2746) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام