وعفو الله تعالى أيضًا يكون لما يقع من العبد من تقصير وضعف لعدم القدرة أو الحرج في فعله؛ فالله - عز وجل - أوجب الوضوء لمن أراد الصلاة، ولكن عفا عمن لا يجد الماء ولم يستطع استعماله مراعاة لضعفه فأباح التيمم، وهذا من تمام عفوه وإلا لو شاء الله - عز وجل - لأعْنَتَنَا وألزمنا بالوضوء أبدًا، ولذا ختمت آية التيمم في سورة النساء (بالعفو الغفور) ، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ إفح! $tَّ 9$# أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) } [النساء: 43] .
والمغفرة تستلزم العفو، ويمكن أن يقال: إن (العفو والغفور) إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا.
رابعًا: اقتران اسمه سبحانه (الغفور) باسمه سبحانه (الشكور) :
ورد هذا الاقتران ثلاث مرات في القرآن الكريم ومن ذلك قوله عز وجل: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 30] .
وقوله سبحانه: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } [الشورى: 23] .
واقتران هذين الاسمين الكريمين فيه كمال آخر؛ فالله سبحانه يغفر ذنوب عباده ويصفح عن سيئاتهم وإذا أحسنوا وعملوا صالحًا لم تكن ذنوبهم السالفة لتحول بينهم وبين ثواب الله - عز وجل - لهم وشكره على طاعتهم له. ومثال ذلك حديث الرجل الذي سقى الكلب فشكر الله له فغفر له (1) .
هذا من مقتضى اسميه سبحانه (الغفور الشكور) ، وسيأتي تفصيل ذلك في باب اسمه سبحانه (الشكور) إن شاء الله تعالى.
خامسًا: اقتران اسمه سبحانه (الغفور) باسمه سبحانه (الحليم) :
(1) انظر البخاري الحديث رقم (2363) .