فهرس الكتاب
الصفحة 455 من 683

ويقول أيضًا:"ولما كان اسم (الحليم) أدخل في الأوصاف، واسم (الصبور) في الأفعال، كان الحلم أصل الصبر وموقع الاستغناء بذكره في القرآن عن اسم الصبور" (1) .

ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"والحليم الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة، والباطنة مع معاصيهم، وكثرة زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم، ويستعتبهم كي يتوبوا، ويمهلهم كي ينيبوا" (2) .

وقال في موطن آخر:"الحليم الذي له الحلم الكامل، والذي وسع حلمه أهل الكفر، والفسوق، والعصيان، ومنع عقوبته أن تحل بأهل الظلم عاجلاً، فهو يمهلهم ليتوبوا، ولا يهملهم إذا أصروا، واستمروا في طغيانهم، ولم ينيبوا ... والله تعالى حليم عفو، فله الحلم الكامل، وله العفو الشامل، ومتعلق هذين الوصفين العظيمين معصية العاصين، وظلم المجرمين، فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليهما من العقوبات العاجلة المتنوعة. وحلمه تعالى يقتضي إمهال العاصين، وعدم معاجلتهم، ليتوبوا، وعفوه يقتضي مغفرة ما صدر منهم من الذنوب خصوصًا إذا أتوا بأسباب المغفرة من الاستغفار، والتوبة، والإيمان، والأعمال الصالحة، وحلمه وسع السماوات، والأرض، فلولا عفوه ما ترك على ظهرها من دابة، وهو تعالى عفو يحب العفو عن عباده، ويحب منهم أن يسعوا بالأسباب التي ينالون بها عفوه من السعي في مرضاته، والإحسان إلى خلقه."

ومن كمال عفوه أن المسرفين على أنفسهم إذا تابوا إليه غفر لهم كل جرم صغير، وكبير، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها" (3) ."

من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الحليم) :

أولاً: محبة الله - عز وجل - والحياء منه، حيث إن حلمه العظيم اقتضى الصبر على عباده العصاة، وعدم الاستعجال في عقوبتهم لعلهم يستعتبون ويتوبون.

(1) عدة الصابرين ص 425.

(2) تفسير السعدي 5/ 630.

(3) الحق الواضح المبين ص 55، 56.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام