فهرس الكتاب
الصفحة 409 من 683

يقول الأستاذ محمد قطب حفظه الله تعالى:"يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) } [الذاريات: 58] ، ولو أنك سألت أي إنسان في الطريق: من الذي يرزقك لقال لك على البديهة: الله، ولكن انظر إلى هذا الإنسان إذا ضيق عليه في الرزق، يقول: فلان يريد قطع رزقي! فما دلالة هذه الكلمة؟"

دلالتها أن تلك البديهة ذهنية فحسب، وبديهة تستقر في وقت السلم والأمن، ولكنها تهتز إذا تعرضت للشدة؛ لأنها ليست عميقة الجذور ... فلا يصلح لتلك الأعباء إلا شخص قد استقر في قلبه إلى درجة اليقين أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وأن الله هو المحيي المميت، وأن الله هو الضار النافع، وأن الله هو المعطي والمانع، وأن الله هو المدبر، وأن الله هو الذي بيده كل شيء ..." (1) ."

ثالثًا: كما يثمر هذا اليقين ترك الأسباب المحرمة في طلب الرزق، وعدم الخوف من المخلوق في قطع الرزق، والاستعلاء على الباطل وأهله عندما يساومون المؤمن على رزقه في ترك الحق أو فعل الباطل. وهذه شنشنة المنافقين في القديم والحديث يقول الله - عز وجل: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) } [المنافقون: 7] .

يقول سيد قطب - رحمه الله تعالى - عند هذه الآية:"وهي قولة يتجلى فيها خبث الطبع، ولؤم النحيزة، وهي خطة التجويع التي يبدو أن خصوم الحق والإيمان يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان، في حرب العقيدة ومناهضة الأديان، ذلك أنهم لخسة مشاعرهم يحسبون لقمة العيش هي كل شيء في الحياة كما هي في حسهم فيحاربون بها المؤمنين."

إنها خطة قريش وهي تقاطع بني هاشم في الشعب لينفضُّوا عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلموه للمشركين!

(1) واقعنا المعاصرص 486.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام